WWW. Ahmedtaymour.com هو مثال حيّ علي لقاء الاكاديمية والعمل العام.. فهو باديء ذي بدء استاذ جامعة من الطراز الرفيع.. ولم يتوقف عطاؤه لوطنه عند تقلده منصب الوزارة.. ولكنه اتجه بكل زخم طاقته الي المجتمع المدني وأسس جمعية عصر العلم التي شرعت تقدم قطوفها البكر المبشرة بالمحصول الوفير. انه الاستاذ الدكتور عصام شرف الذي اتحدث عنه الذي اكرمني بدعوته مؤخرا لمكتبة الاسكندرية حيث شهدت حدثا رائعا بتوزيع جوائز جمعية عصر العلم علي سبعة وعشرين متسابقا من عشر دول عربية قاموا بتقديم مشاريع ابتكارية لحل مشكلات حياتية عديدة. ووقف د. عصام ما يقترب من الساعتين علي المسرح لتكريم المخترعين الصغار في اعمار تتراوح بين الرابعة عشر والثامنة عشر.. وذلك بعد أكثر من ساعة سبقت مررنا معه بنماذج عملية معروضة في بهو رحيب وهو يستمع لهذا ويناقش ذاك شادا علي ايدي الجميع لا فرق عنده بين مصري وفلسطيني ولبناني حيث ينفح الجميع من روحه السخية وحماسته المتوقدة وانسانيته العميقة مؤمنا بتواصل الاجيال وتواصل مصر مع محيطها العربي. انني لا اغالي علي الاطلاق اذ اقول انها كانت ليلة من ليالي الفخار علي المستويين الوطني والقومي.. وفي الوقت ذاته فأنا شديد التعجب من مرور هذا الحدث مرور الكرام علي الاعلام بجميع مجالاته ومختلف وسائطه. فهل كان يجب أن تكون اماسينا كلها فنية حتي يصب الاعلام جميع كاميراته وميكروفوناته لتغطية الحدث وما وراء الحدث وما حول الحدث وتحشد الطاقات لوصف حتي فساتين السيدات من ضيوف المهرجان.. وهل كان يجب ان تكون اللقاءات حول مباريات كرة القدم ليمدنا السادة المحللون بكل ما سبق الاحاطة به من فقه ضربات الجزاء والتحقق من تسلل احد المهاجمين خلف خطوط دفاع الفريق المنافس. انني بطبيعة الحال لست ضد الفن فأنا ممن ينتسبون لرهط الشعراء وايضا لست ضد لاعبي كرة القدم الذين اصبحت بورصات اقدامهم ملايينية الارقام.. ولكنني قبل هذا وذاك مع العلم والبحث العلمي والتطبيقات التكنولوجية فبالترسانة المدججة بأوراق الابحاث والمعامل القادرة علي ترجمتها من نظريات الي منتجات تتداولها ايدينا.. تداوينا.. وتكسونا.. وتبني بيوتنا.. وتسهل الحياة من حولنا.. وتصل بها الي درجة الجودة المنشودة علي كل الاصعدة.. بكل هذا نرتقي ونغتني.. ونقايض العالم المتقدم علي انجازاته بمنطق انجاز مقابل انجاز.. حيث لا نصبح فقط مستهلكين للناتج التقني العالمي.. ولكن نضحي مشاركين شراكة فاعلة وحقيقية في انتاجه. ان الولاياتالمتحدةالامريكية لم تصبح علي هذه الدرجة من القوة بهوليود وحدها.. فقوتها العظمي في العقول التي استثمرتها استثمارا اقتصاديا اقصي سواء كانت هذه العقول من ابنائها أو من الوافدين عليها حيث اصبحت قطب استقطاب النابغين من كل صوب وحدب.. وهذه قضية لا تمت الي الاخلاق أو الوطنية بصلة.. فالعلماء يبحثون عن المناخ الذي يوفر لهم التقدير الادبي فضلا عن تقديرهم المادي.. فهم يعلمون ان ما يقدمونه من ابداعات فكرية تدر علي من ينفقون علي نتائج ابحاثهم المليارات.. انهم يذهبون الي المناخ الذي يسمح بتحويل افكارهم الي حقائق يومية نافعة للناس في كل انحاء الكرة الارضية.. ولنا في احمد زويل المثل والنموذج.. ان المجتمعات المتقدمة هي وحدها التي تعرف كيف تستفيد من ثروتها البشرية المتفردة المتمثلة في عقول النابغين من ابنائها.. والتي تعرف ايضا كيف تضع من النظم التعليمية والاساليب التربوية ما يدفع النشء فيها للاهتمام بعقله بمثل اهتمامه بقدمه وهذا ما يذكرني بمقال لكاتبنا المفكر الفنان توفيق الحكيم عن أهل القلم واهل القدم.. ان طموحا كبيرا يدفع الكثير من الناشئة الي تمني ان يصبح لاعب كرة شهيرا من ان يكون احد اعضاء فريق بحث علمي.. أو يدفعه لان يصبح مطربا يغمي عليهن من فرط الاعجاب به الفتيات المراهقات عن ان يكون تقنيا قادرا علي تحويل الكلمة الي فعل والمعادلة الرياضية الي عمل. ان قيمة ما يتبناه العظيم عصام شرف هو نشر الوعي العلمي والتبشير باستعادة المعرفة وتطبيقاتها مكانها المرموق ومكانتها الرفيعة التي كانت تتمتع بها ليس في مصر وحدها ولكن في العالم العربي ككل.. وهذا سبب تواجد الجامعة العربية في عرس جمعية عصر العلم بمكتبة الاسكندرية حيث وجدت دعوة د. عصام تجاوبا رائعا من كثير من الدول العربية.. ولقد ضبطت نفسي وغيري تطفر الدموع من اعيننا ونحن نشاهده يوزع جوائز الجمعية علي فائزين قدموا من المحيط الي الخليج علي خلفية انغام الوحدة العربية في اناشيدها القومية التي كنا نعشقها كثيرا.. ثم نسيناها اكثر منذ عصر التشرذم العربي في وقت تتكتل فيه الأمم حتي تستطيع ان تحصل علي أكبر قطعة من كعكة العولمة.