يعرف الكثيرون من خبراء وعشاق الرياضة ظاهرة التخصص لفريق علي حساب اخر في لقاءاتهما المشتركة.. والامر يبدو اكثر وضوحا في الالعاب الفردية حيث يرتفع قدر العامل النفسي في المواجهات.. ولكنه موجود ايضا في الرياضات الجماعية ويذكر انصار الاهلي المخضرمون اياما مؤلمة في اغلب مبارياتهم في كرة القدم ضد نادي الترام السكندري (في الدرجة الثالثة الان) من الثلاثينات وحتي مطلع الستينات. وللظاهرة تبرير علمي منطقي وفقا للضغوط العصبية والنفسية الهائلة التي يحملها الفريق الخاسر باستمرار قبل واثناء كل مواجهة مع منافسه او عقدته.. وهو امر يحتاج تدريبات نفسية وذهنية وعصبية اكثر من التدريبات البدنية والفنية والخططية. والدراسات العلمية التي اجريت علي عشرات اللاعبين الخاسرين في تلك النوعية من المباريات كشفت عن عجز اللاعب عن اظهار قدراته او مهاراته لاسباب خارجة عن ارادته.. والاغلبية منهم اتفقوا في عبارة واحدة (اشعر بعدم القدرة علي تقديم الامكانات التي امتلكها.. بل اشعر احيانا ان ذراعي اقصر مما يجب او اضعف مما ينبغي!). التوقعات ضد النحس فجر امس الثلاثاء كانت كرة السلة الاميركية مع موعد جديد ومباراة من تلك الظاهرة الغريبة.. والتاريخ القريب في لقاءات فريقي دالاس مافريكس وميامي هيت يشير الي تفوق مذهل لدالاس وصل الي 13 فوزا متتاليا في كل لقاءاتهما السابقة بدوري المحترفين. ولكن الامر جاء مختلفا مائة بالمائة في لقاء الامس لان ميامي هيت دخل المباراة وهو الفريق الافضل حاليا في المسابقة علي صعيدي النجوم والنتائج الاخيرة.. ويكفيه الفوز في كل مبارياته الاثنتي عشرة الماضية سواء علي ملعبه او خارجه بالاضافة لامتلاء صفوفه بالعباقرة وعلي راسهم احسن لاعبي الولاياتالمتحدة حاليا ليبرون جيمس ودويان ويد. التوقعات والمراهنات كسرت النحس السابق ومالت لمصلحة كفة ميامي هيت بنسبة 4 الي 3 لتحقيق الفوز ومواصلة الانتصارات نحو لقب لم يحققه الفريق في الاعوام الاربع الاخيرة.. واعتمد اغلب المراهنين في اتجاههم علي استمرار عجلة الفوز لميامي ولكنهم اغفلوا ان دالاس هو الفريق المتخصص في ايقاف عجلات الفوز لمنافسيه.. وسبق له في 26 نوفمبر الماضي الفوز علي سان انطونيو سبيرز بعد 12 فوزا متتاليا ايضا لسبيرز.. وكرر دالاس الامر مع فرق نيو اورليانز هورنيتس ويوتا جاز وبوسطون سلتيكس واوكلاهوما سيتي ثاندرز واوقفها جميعا وكان اول من يهزمها في الموسم الحالي بعد سلسلة انتصارات متتالية تراوحت بين 5 الي 8 انتصارات.. والمذهل انه اوقف انتصارات ثلاثة من منافسيه في ديارهم. واستمر التخصص القاعدة انتصرت.. والتخصص استمر.. ودالاس مافريكس فاز بصعوبة هائلة 98-96 علي مضيفه ميامي هيت في عقر دار الاخير.. والعجيب ان خسارة ميامي الاخيرة قبل انطلاق عجلة الفوز كانت امام دالاس ايضا.. ومع توقف ميامي عند 12 فوزا متتاليا اكتفي الفريق بالمركز الثاني في تاريخ المسابقة في اكبر عدد من الانتصارات المتتالية.. ولايزال الرقم القياسي مسجلا لفريق واشنطون كابيتالز برصيد 15 فوزا في موسم 1946-1947.. ولكن العجيب مجددا ان فريق نيويورك نيكس كان صاحب الفوز علي كابيتالز قبل وبعد انتصاراته المتواصلة. ومع حديث الارقام كان الفوز الثمين لدالاس هو الرقم 9 من اصل مبارياته العشرة الاولي خارج ملعبه في الموسم الحالي.. وهي افضل نتيجة له خارج ملعبه عبر لقاءاته العشر الاولي منذ مشاركته في الدوري الاميركي لسلة المحترفين. سيناريو ولا اغرب لايمكن لاي مخرج او مؤلف من عباقرة الاثارة والغرائب ان يبتكر سيناريو مثيرا مثلما حدث في اللقاء التاريخي. الحماسة الجماهيرية لقاعة مكتظة عن اخرها لانصار ميامي لم تمنع الضيوف من فرض دفاع المنطقة الصارم وشل منافسيهم عن الحركة.. وبعد 4 دقائق لم يصدق الكثيرون النتيجة المسجلة امامهم علي اللوحة.. ومافريكس يتقدم 14-2 اي ان فريقهم الرهيب الذي امطر سلات الجميع لم يحرز اكثر من نقطتين في اكثر من 4 دقائق.. اسوا بداية لاي مباراة في الدوري الحالي. ومع العجز التام للعملاق ليبرون جيمس امام الرقابة الصارمة سحبه مدربه وفريقه خاسر 23-10 ونحو مزيد من الغرابة والدهشة واللامعقول.. كان خروجه فاتحة خير عظيمة لفريقه الذي لم تهتز سلته باي نقطة بينما تمكن هيت من احراز 17 نقطة متتالية مع تالق اسطوري لنجمه دويان ويد ووسط شلل ولكن هذه المرة في صفوف مافريكس.. وعاد ليبرون جيمس الي الملعب والنتيجة 27-23 لميامي هيت ومع عودته تحسن اداء دالاس مجددا وعاد الي التوازن والتسجيل والتقدم.. واتجهت كل الاضواء للعملاق الالماني ديرك نوفيتزكي الذي تصدر قائمة لاعبي دالاس في التسجيل وجمع الكرات المرتدة تحت السلتين.. واضطر مدرب ميامي لسحب ليبرون مجددا قبل 6 دقائق من النهاية.. وبخروجه دون ان يسجل نقطة واحدة انتزع ميامي التقدم 44-43 مع صفارة النهاية للشوط الاول.. والمثير ان الرمية التي احرزت التقدم لميامي في نهاية الشوط كانت للبديل الدائم مايك ميلر في اول مشاركة له خلال الموسم.. وبينما سجل البديل (رخيص الثمن) النقطة الاولي له في الموسم كان ليبرون جيمس (اغلي عقد لاي لاعب في الموسم الواحد واحسن لاعب في المسابقة للموسمين الماضيين) عاجزا عن مجرد احراز اي نقطة. حوار كوميدي غرفة الملابس لفريق دالاس مافريكس شهدت حوارا طريفا بين المدرب ريك كارليسلي ولاعبه جاسون تيري الذي لم يسجل اي نقطة ايضا خلال الشوط.. وقال المدرب للاعبيه ان التاخر بنقطة واحدة ليس مشكلة لان النجم المهم تيري لايزال في الفندق وسيلحق بنا في الشوط الثاني.. ورد تيري باسما علي مدربه انه كان يعتقد ان الحافلة المقلة للفريق ستتحرك في التاسعة ولكنها تحركت بدونه.. وانه حضر بالفعل وسيثبت للجميع ان حضوره مؤثرا. عرف ليبرون طريق السلة مع رمية ثلاثية في مطلع الشوط الثاني ليقترب فريقه ويضيق الفارق الي 55-51.. ومع هدايته الي السلة تغيرت الامور تماما لمصلحة ميامي.. وسجل الفريق وسط جنون لجمهوره 13 نقطة متتالية وتحول لاعبو مافريكس الي ضيوف شرف او مشاهدين فقط.. وتقدم المضيف بفارق مريح للمرة الاولي في اللقاء 61-55. ولكن الاثارة لم ولن تتوقف!! انها مباراة الاثارة غير المسبوقة. ظل جاسون تيري غائبا بلا اي نقطة حتي نهاية الربع الثالث للقاء.. ويبدو انه لم يحضر من الفندق كما قال مدربه.. ومع بعد مرور الدقيقة الاولي من الربع الرابع والاخير حضر جاسون وقدم الهدايا لمدربه. تيري الذي صام 37 دقيقة بلا اي نقطة سجل بمفرده 19 نقطة في 11 دقيقة في اهم اوقات المباراة وبينها الرمية الاخيرة الفاصلة التي حسمت النتيجة. ومع الثانية الاخيرة من المباراة تعلقت انظار الالاف في الملعب والملايين امام الشاشات باصابع دويان ويد هداف ميامي الاول في اللقاء برصيد 22 نقطة وهو يصعد في الهواء ويصوب رمية ثلاثية لقلب النتيجة.. ولكنها طاشت بعيدا جدا وخسر ميامي وفاز دالاس وانتصر التخصص.