صادف يوم الخميس الماضي ذكري موقعة كربلاء والتي وقعت بين الشيعة والسنة في يوم العاشر من محرم بمدينة كربلاء العراقية وكانت تلك المعركة هي أقوي سلسلة المعارك التي وقعت بيت أسرتي سيدنا علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) ومعاوية بن أبي سفيان والتي كان قائدي تلك المعركة هما سيدنا الحسين بن علي (سيد شباب الجنة) ويزيد بن معاوية والتي إستمرت ثلاثة أيام كاملة إنتهت بمقتل سيدنا الحسين وحمل رأسه الشريف إلي خارج العراق والتي إختلف المؤرخون علي مكان دفنها ما بين الشام وعسقلان والبقيع ولكن أكثر الأماكن قبولاً هي مسجد سيدنا الحسين بالقاهرة .. إنني أتذكر هذه المعلومات التاريخية والتي تعيدني إلي زيارة قمت بها في مطلع شبابي عندما ذهبت مع زميل لي إلي العراق عام 1974 للعمل كمهندسي أغذية في مصنع ألبان كربلاء والذي كان يعد أكبر المصانع الغذائية في الشرق الأوسط وقت ذاك .. وشاءت الأقدار أن أصل كربلاء في يوم عاشوراء ورأيت فيها مشاهد أعجز تماماً عن نسيانها فلقد تركت كثيراً من الآلام في قلبي حيث رأيت هذه المدينة الناصعة البياض في مبانيها مغطاة جميعها بالأقمشة السوداء وكأنها ترتدي ثوب الحزن والحداد .. وعشت 24 ساعة كاملة وأنا أري آلاف الآلاف من الشيعة رجالاً ونساء يرتدون هم أيضاً الملابس الفضفاضة السوداء والسيدات تترك شعورهن مسترسلة والرجال يربطون أنفسهم بالجنازير الحديدية ويضعون أكاليل الشوك فوق رءوسهم ويذرفون جميعاً الدموع ويطلقون الصرخات المدوية الباكية ويتبادلون جميعاً الضرب فيما بينهم حتي تسيل الدماء في كل أجسادهم ولا أحد يقف بل يجري في الشارع كالمجنون ولا تجد في الحياة لهذا اليوم أثراً للتجارة أو لأي محلات بل الجميع أغلقوها لمدة ثلاثة أيام هي عمر الحزن الشديد الذي إتفق الشيعة علي أن تكون هذه المناسبة هي إعترافاً منهم لمقتل سيدنا الحسين .. ولعل أجمل ما أذكره أنني صليت في مسجد سيدنا الحسين بكربلاء والذي يعدو صورة طبق الأصل للمشهد الحسيني القاهري والذي رأيت فيه مقاماً لجسد الحسين دون رأسه وشاهدت فيه بعض مقتنيات سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) تزيد من هذا المسجد قيمة إسلامية في نفس كل مسلم.