قيام السلطات الصينية مؤخرا باستنساخ تمثال «ابو الهول» الشهير واقدم المنحوتات المصرية رغبة منها في جذب السائحين وصناع الأفلام لتحقيق دخل قومي، هذا الإستنساخ ليس جديدا فقد قام به اثرياء الدولة الرومانية لإستنساخ المسلات الفرعونية القديمة وتزيين قصورهم بها، ولكن هل المعضلة في قيام الصين باستنساخ «ابو الهول» كدوبلير للتمثال الحقيقي؟ لا اعتقد. المعضلة الأكبر هي سرقة معظم مسلاتنا المصرية وخروجها من مصر لتنتصب في اشهر ساحات العالم، ففي روما وحدها هناك ثماني مسلات اخذها الاباطرة الرومان بعد حكمهم لمصر، اشهر هذه المسلات مسلة روما المتألقة في ميدان «بيازا دل بوبولو»واخري امام كنيسة القديس «جيوفاني» في روما، واخري قرب «سانتا ماريا»ورابعة في ساحة «سان جيوفاني»وغيرها، ولا ننسي مسلة باريس والتي تطل علي ميدان «الكونكورد» اشهر الساحات في العاصمة الفرنسية ومسلة «لندن»والتي تطل علي نهر «التايمز»في العاصمة البريطانية وكانت مهداة من محمد علي باشا للأمة الإنجليزية، ومسلة نيويورك الموجودة في حديقة «سنترال بارك»اكبر حدائق مانهاتن بنيويورك وكانت مهداة ايضا من الخديوي توفيق، مصر كان بها مايقرب من مائة مسلة لم يتبق منها سوي خمس مسلات تجدها بين اطلال المعابد، وفي برلين الألمانية يطل وجه الملكة «نفرتيتي بوجهها الآخاذ والذي يقال انها تم تهريبها من مصر سرا من عالم الآثار الألماني الذي اكتشفها عام 1912، وحقيقة خروج نفرتيتي لم تعرف تفاصيلها الحقيقية حتي الآن رغم مرور 112 عاما علي هذا الخروج ورفض السلطات الألمانية عودتها لمصر خاصة وانها تجذب مليون سائح سنويا لرؤية الملكة المصرية الجميلة، وحجر رشيد الذي يطل الآن من المتحف البريطاني في لندن منذ عام 1802 بمقتضي إتفاقية ابرمت بين إنجلترا وفرنسا تسلمت انجلترا بمقتضاها هذا الحجر وآثار اخري، والكثير من الآثار الفرعونية تزين متحف «اللوفر»بباريس معظمها خرجت عنوة ورغم إرادة المصريين. ولا تزال عمليات سرقة آثارنا مستمرة واستغل اللصوص ماحدث عقب ثورة يناير 2011 من فوضي وغياب الأمن لسرقة تماثيل سواء من المتحف المصري أو من الغرف الداخلية لأهرامات الجيزة. القضية ليست استنساخ «أبو الهول»فالدوبلير مهما كان متقنا فلن يكون ابدا مثل التمثال الحقيقي، وصور الدوبلير الصيني لا تمت لتمثالنا الحقيقي بصلة، تمثالنا الرابض علي هضبة الجيزة بجسد الأسد ووجه الإنسان لا يقدر أحد علي استنساخ روحه التي تشعر بها رغم انه منحوتة صخرية، المهمة الأصعب التي نواجهها هي توفير المناخ المناسب لجذب السائحين، والإهتمام بتطوير منطقة الأهرامات وتطهيرها من الباعة الجائلين وسطوة الخيالة هناك، ونظافة المكان، عندما نقوم بإزالة كل العقبات امام قدوم السائحين، ستتوافد الملايين لمصر فالسائح يأتي ليس فقط بحثا عن الآثار ولكن للتمتع بالروح المصرية والتي تشع دفئا وودا في كل انحاء مصر، بدءا من الابتسامة التلقائية التي يشتهر بها المصريون عند رؤيتهم للسائحين. عودة الأمن والاستقرار هما الرد السريع لكل محاولات استنساخ اثارنا، فليستنسخ الصينيون كما يشاءون ولكن العالم يعرف أنها صناعة صينية اي صناعة في اغلب الأوقات لا تدوم طويلا، مصر صاحبة اقدم الحضارات واشهرها لا تهتز لإستنساخ تمثال هنا او هناك، لدينا الأصل ولكن علينا تقديمه بالطريقة المناسبة لعمره المديد، اما الانشغال بشكاوي هنا او هناك فانها مضيعة للوقت والجهد. استعادة جذب السائحين هي القضية الأهم والتي يجب ان يتكاتف علي حلها كل وطني غيور علي مصرنا الحبيبة، المتحف المصري يضم مايقرب من 136 الف أثر فرعوني بالإضافة الي مئات الآلاف من الآثار الموجوده في مخازنه، لدينا اجمل واشهر المعابد الأثرية مثل معابد «كلابشة» و»فيلة»و ابوسمبل»و»رمسيس الثاني»و»نيفرتاري»و»الكرنك»و»الدير البحري» و»الأقصر»و»دندرة»كل هذه المعابد في الأقصر وأسوان، تلك المحافظتين اللتين لهما ايضا مشاكل في المواصلات والإتصالات والعمالة وتشييد فنادق جديدة، كل هذا يحتاج لحلول جذرية وعندها ستزيد حركة السائحين ولن يفكر أحد لا في الصين ولا غيرها . مصر دولة صاحبة حضارة تخلب العقول في كل انحاء العالم حتي الدول التي حظيت بثروات طبيعية شيدت بسببها البنايات والحدائق ولكن رغم كل هذا مصر هي الأجمل بآثارها وشعبها الطيب المضياف.وينطبق علي المستنسخين ايا كانوا المثل الشعبي»القرعة تتباها بشعر بنت أختها».