كلنا عايشنا وتابعنا بكل الاهتمام والتقدير تلك المعركة العنيفة التي خاضها رجال القضاء المصري الشامخ ضد الحكم الاخواني ونواياه الاجرامية القائمة علي تخريب وتدمير مصر. لقد دافعوا بشرف ووطنية وانتماء عن الاخلال بسيادة القانون وما يتصل بهذا التوجه من انحراف بمسيرة هذا الوطن. كان رائدهم في التصدي لعمليات التربص بالقضاء الايمان بان لا امن ولا امان لاي مواطن دون اقرار سيادة القانون باعتباره المحور الذي يحقق العدالة وبالتالي استقرار المجتمع. وقد وقف الشعب كعادته داعما ومؤيدا لموقف وشجاعة رجال القضاء. علي ضوء الانتصار الذي حققه القضاء في هذه المعركة لصالح الوطن جاء مقال «خواطر» يوم الخميس الماضي حول الغموض الذي احاط بقرار اعفاء المستشار عادل ادريس من استكمال التحقيق الذي كلف به في قضية الاتهام بتزوير الانتخابات الرئاسية احمد شفيق - محمد مرسي عام 2012 والتي اتت بمرسي مرشح جماعة الارهاب الاخواني رئيسا لمصر. كما هو معروف فقد كانت مهمة هذا الرئيس انهاء استقلالية القضاء وتطويعه ضمانا لخضوعه للجماعة الارهابية حتي تتمكن من السيطرة علي مفاصل الدولة المصرية. في هذا الشأن لابد ان نذكر مؤامرة تنحية النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود وكذلك ما تم من اجراءات لارهاب المحكمة الدستورية العليا وقضاتها. اتسمت هذه الممارسات الاخوانية ضد القضاء بالانحطاط والرغبة في تصفية الحسابات مع العدالة التي لم تظلمهم بل كثيرا ما أنصفتهم في العديد من القضايا. وفي اطار ردود الفعل علي مقال «الخميس» الذي كتبته عن غموض قرار عزل قاضي التحقيق في تزوير انتخابات شفيق - مرسي كان تعقيب الفقيه القانوني الدكتور شوقي السيد الذي قدم بلاغ الاتهام بالتزوير. كان لابد من نشر هذا التعقيب لما تضمنه من وقائع غاية في الأهمية من الناحية القانونية. لقد اكد ان قرار العزل معدوم قانونا حيث ان قانون الاجراءات الجنائية يقضي بعدم جواز عزل قاضي التحقيق بعد تكليفه بهذه المهمة. اشار الي ان هذا الغموض اصبح مرتبطا بان هذا القاضي قد وصل في تحقيقاته الي مرحلتها النهائية تمهيدا لاعلان نتائجها. من ناحية اخري فقد تردد ان وراء اعفاء المستشار عادل ادريس اقدامه علي استدعاء اعضاء لجنة الانتخابات العليا التي تولت الاشراف علي انتخابات 2012 لسماع اقوالهم فيما يتعلق بالتزوير وظروف اعلان مرشح الاخوان مرسي رئيسا لمصر. وتشير بعض الاقاويل ان من بين مبررات اعلان نتيجة هذه الانتخابات الرئاسية بالشفافية المطلوبة هو تقدير بعض الجماعات الامنية المعنية للتحريات والمعلومات اللازمة حول وقائع التزوير. ويقال ايضا ان هذه النتيجة كانت تجسيدا لضعف موقف مجلس عسكري طنطاوي الذي كان يتولي مسئولية الحكم في ذلك الوقت وهو ما ادي الي تواطئه وخضوعه للضغوط والارهاب الاخواني. من المؤكد ان ما حدث بشأن اعفاء قاضي التحقيق في هذه الانتخابات الرئاسية له علاقة بملابسات وحقيقة ما احاط بها. هذا الذي حدث ما كان يجب ان يحدث في ظل شغل المستشار عدلي منصور لمنصب رئيس الجمهورية.. ليس هذا فحسب وإنما باعتباره أيضا رئيسا للمحكمة الدستورية العليا. انطلاقا من مسئولية الرئاسة التي تولاها بعد إسقاط جماعة الارهاب الاخواني فإنه لم يكن متوقعا أن تنأي القرارات المتعلقة بشئون العدالة عن أي غموض.