طرحت عملية التفجير المعلوماتي لحقائب وخزائن الدبلوماسية والسياسة الأمريكية سيلاً من المفردات والمصطلحات والخطابات المتعلقة بعشرات الملفات التي تتعامل معها الدبلوماسية والسياسة الأمريكية وكل الاطراف ذات العلاقة بتلك الملفات وهذه النوعية من التفاعلات اسميتها »بلغويات اورويل« في المقال السابق علي هذه الصفحة »الخميس 9/21/0102«.. وهناك عدة سيناريوهات يتدخل كل من هذه السيناريوهات في فهم مضمون اللغة التي فجرها هذا التفجير المعلوماتي، والسيناريو الأول يقول بأن الامر يمثل »الحرب الالكترونية الأولي« في التاريخ الحديث وان هذه الحرب ضد »التسلط« كما يزعم جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس، حيث يذكر ان دافعه الاول فردي ويعبر عن مقاومة القهر والتسلط الذي تمارسه مفردات الهيمنة الامريكية للحفاظ علي هيمنة القطب الاوحد وما ترسخه من سلبيات مع اغلب حكومات دول العالم بشكل او بآخر وفي اطار هذا السيناريو تأتي خطابات أمريكية تقول بأن الامر في جوهره هو حدوث مجرد جريمة معلوماتية وانه لابد من اعتقال المجرم المعلوماتي ومقاضاته. وهنا يبرز خطابات المدافعين عن مؤسس الموقع ويتعهدون بمواصلة البث الالكتروني لما تم تسريبه من ملفات »سرية« و»سرية للغاية« ويأتي السيناريو الثاني الذي يرجح ان الامر بمثابة صراع اجهزة مخابرات كبري في هذا العالم تريد احداث الحرج لبعضها البعض ولهذا الامر ما يولده من خطابات ولغة »شطرنجية« مختلفة تحتاج الي تفاصيل أخري في سياق قادم.. أما السيناريو الثالث وهو ان امر »التفجير المعلوماتي« هو مدروس »وتمت هندسته لتسويق سياسي واقتصادي تحدثنا عن بعض ملامحه في المثال السابق.. وما اريد التركيز عليه في هذا المقال هو ان الكثير من الدلائل تشير إلي ان هذا البث الالكتروني وتوقيت التفجير الرئيسي له يؤكد »أهمية« توجيه ضربة عسكرية لإيران من خلال بثت الوثائق المتعلقة بدول الخليج وزعمائها وما يتعلق بالرئيس الإيراني ووصف التفاعلات الإيرانية وكذلك اظهار الكثير من التفاصيل »التي تحتاج إلي دراسة تفصيلية« التي تحتاجها عملية تمهيد مسرح الشرق الأوسط لحرب ضد إيران أولا - اذا سنحت الظروف المواتية اكثر لذلك - ومع هندسة حرب محتملة ضد إيران فإن الوثائق سلطت الضوء علي حرب اخري بين مصر واسرائيل حيث كشفت احدي البرقيات التي بثها الموقع وقائع لقاء حدث في يوليو 9002 بين قيادة وزارة الدفاع وقيادة وزارة الخارجية في إسرائيل وبين اندروشبيرو مساعد وزير الخارجية الأمريكية حيث حذرت اسرائيل الولاياتالمتحدة من نقل سلاح حديث إلي كل من مصر والسعودية ولبنان، وذلك خوفا من ان تصبح الدول العربية المعتدلة عدوا في المستقبل وان عاموس جلعاد بوزارة الدفاع الإسرائيلية قد احتج بأن الجيش المصري يتدرب وكأن اسرائيل هي عدوه الوحيد كما اعرب جلعاد عن ان مصر تستعد لمواجهة عسكرية محتملة مع اسرائيل: خطورة الامر تتمثل في التركيز الاعلامي علي الوثائق من زاوية تمهيد الساحة الدولية لتقبل حقائق مقلوبة.. كأنه لا توجد وثائق اخري منشورة من قبل تفيد باستعداد اسرائيل بوجود نية لمحاولة احتلال سيناء والغاء معاهدة السلام التي وطبقا لوصف لاوديه يونين بأنها المعاهدة التي أخطأت اسرائيل بتوقيعها مع السادات!! من هنا يحتاج الأمر الي التعامل الحذر مع ما يبث وان يبث ما يكمل الصورة الحقيقية بعيداً عن تصوير إسرائيل بأنها المعرضة لحروب خطيرة ستشن ضدها وكأنها الحمل الوديع رغم رفضها للمبادرة العربية للسلام ورفضها لاي وقف ولو مؤقتا للاستيطان وممارساتها التي تفاخر بها رئيس الموساد الإسرائيلي حينما ذكر »انجازاته« التخريبية في كل دول الجوار بمناسبة »تقاعده من الخدمة«!!.. وللحديث باقية عن تلك الحرب الالكترونية الاعلامية التي ولاشك سيكون لها تداعياتها السلبية ان لم يتم احتواء ما يتم هندسته من سيناريوهات عدوانية تحاك.. ولذلك وجب الانتباه الي قضايانا الكبري بعيدا عما نحن به في الوطن العربي علي اتساعه والله ولي التوفيق وهو وحده المستعان.