جلست أتابع الصور التي نقلتها أجهزة التلفزة من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.. وهي تستقبل السادة المواطنين الراغبين في الترشح.. فوجدت نفسي امام اكثر من كمبورة! وكمبورة.. هو الشخصية التي ابتدعها خيال احمد رجب وجسدتها ريشة مصطفي حسين.. وهي تمثل كمبورة.. عضو مجلس الشعب الذي يتعاطي السياسة المعجونة بالويسكي الجوني ووكر.. والحشيش والجنس.. والفساد.. وهو يحرك اصابعه.. بالتحسيس تارة.. وبحبات السبحة تارة أخري.. وخلفه سجادة الصلاة.. هذه الشخصية.. ظلت تضحكنا لسنوات طويلة.. لغرابتها وتفردها بمواصفات تدعو للاستهزاء والسخرية.. إلي ان أطلت علينا جماعة الإخوان الإرهابية.. واصبح كمبورة في كل مكان من مواقع السلطة.. وخرج من بروازه الشهير في الصحيفة التي بين يديك.. يثب ويحجل.. إلي كهوف المال والهيلمان. اختفي كمبورة من جريدة «الاخبار».. ورأيناه يرفع الأذان.. اثناء انعقاد جلسات مجلس الشعب.. ورأيناه رئيسا لمجلس الشوري.. ووزيرا للاعلام.. والتموين.. ومحافظا في الشرقية يتجه لمكتبه بالجلابية.. ورئيسا للجمهورية.. يهتف في الاستاد «هيا للجهاد في سوريا»!.. ورأيناه في ممارسة النخبة الحاكمة للجنس في الشوارع وفي مكاتب الرئاسة.. ورأيناه في اجراء العملية الجراحية لتصغير الأنف..الخ. اصبحنا نري كمبورة في كل مكان.. خرج كمبورة من سجن أحمد رجب ومصطفي حسين.. واخذ يبرطع في كل وسائل الاعلام.. ويكتب المقالات في الصحف السيارة.. ومعها صورته الفوتوغرافية..وهو يحمد الله علي نعمة الستر.. ليلة ياكل بط.. وليلة حمام محشي!.. لم نعد نراه في موطنه الاصلي بالصفحة الاخيرة من جريدة «الاخبار».. وفوق رأس اليوميات مباشرة.. بعد ان تحول.. فجأة.. وبكل سلوكياته المشينة لمجردطفل ساذج.. وسط عصابة أهدرت كل القيم الانسانية.. اختفي كمبورة الأصلي.. واصبح.. بالمقارنة لما يحدث.. مجرد فتاة عذراء تردد اغنية بهية المحلاوية.. يابتاع النعناع يامنعنع.. يابتاع النعناع.. ياواد انت! وشهدنا اعتزال.. كمبورة.. في شخصيته الكاريكاتورية إلي ان أطل علينا من جديد.. بمناسبة الاعلان عن الانتخابات الرئاسية! قبل الاعلان عن فتح باب الترشيح خرج علينا «كمبورة» معلنا في مؤتمر صحفي عالمي انه.. لن يخوض انتخابات الرئاسة!.. ومعني الكلام ان كمبورة خرج من الانتخابات الرئاسية!.. ومعني الكلام ان كمبورة خرج من الانتخابات قبل ان يدخل.. وبالرغم من ذلك فقد حقق اهدافه .. بالضجة الاعلامية التي احدثها وتسبب فيها.. وكادت تطغي علي نبأ تكريم فاتن حمامة في عيد الفن وحصولها علي الوسام من الرئيس المحترم عدلي منصور.. وكان خروج «كمبورة الأول».. في السباق أشبه بدقات المسرح معلنة رفع الستار.. عن مشاهد بهلوانية مضحكة.. بعد ان فتحت ابواب الترشيح رسميا.. وبدأنا نشهد «كمبورة» في الفضائيات والارضيات.. يتحدث لطوب الارض ولقناة الجزيرة التي تمثل «مراحيض» الاعلام للناطقين باللغة العربية.. من الاوضاع في مصر.. وعن رأيه في الديمقراطية.. قال كمبورة.. وهو صاحب كشك.. انه تقدم للترشح بأوامر من السماء.. علي وزن سيدنا جبريل الذي جاء يصلي في رابعة العدوية من اجل عودة مرسي لسرير السلطة.. وقال كمبورة آخر انه سيطبق الشريعة حال وصوله لقصر الاتحادية.. وسيدعو الناس للصيام في شهر رمضان! وبعدهما وصل كمبورة جديد.. وقال انه صاحب دعوي قضائية لتوحيد الأمة المصرية.. وتحدث بصوت مشحون بالانفعال قائلا ان برنامجه الانتخابي يتمثل في انقاذ مصر من «النكسة».. واضاف بانه كان قد حذر المصريين من نكسة يناير!! جديدة.. نكسة يناير.. هذه!.. وتوالت المشاهد العبثية امام لجنة الانتخابات الرئاسية وظهرت اسماء «المرشح ظاظا».. والمرشح «صدومة» والمرشح «الحوت».. ومعهم العشرات من المرضي النفسيين الذين تصور كل واحد منهم ان بطاقته الشخصية تكفي.. لقيد اسمه في جداول المرشحين. الطريف في الموضوع انه عندما.. علموا بشروط الترشح.. وحالت اللوائح دون دخولهم قاعة تلقي الطلبات.. تجمهروا امام ابواب اللجنة.. ورددوا الهتافات الجاذبة لوسائل الاعلام.. واقترح احدهم.. اصطحاب زملائه المرشحين المحتملين إلي اقرب قسم شرطة لتحرير محضر «اثبات حالة» لمنعهم من الدخول لمقر اللجنة العليا للانتخابات.. وانضم اليهم اكثر من كمبورة.. قدم احدهم نفسه بأنه مذيع سابق!! وقال آخرانه سيعبر بالبلاد المرحلة الحرجة التي تمر بها.. الخ.. لم تكن تجمع بين كل هؤلاء.. الذين يعانون الخلل النفسي واضاعة وقت اللجنة.. والشهرة المجانية.. سوي ان كل واحد منهم.. كان «كمبورة»! كان يبحث عن وسيلة لمخاطبة الكاميرات.. ولم يكن بينهم عاقل واحد يحمل حلولا لمشاكلنا سو «كمبورة» واحد قال انه يحمل برنامجا للنهوض بمصر.. ويتلخص في اقامة دولة اسمها «الولايات العربية المتحدة» تضم مصر والسودان وليبيا.. وانها ستقام شرق البحر الاحمر!.. وعندما ابلغته اللجنة بالشروط التي يتعين توافرها.. اعترض علي شرط الكشف الطبي قائلا: «المصريون كلهم عندهم فيروس سي»!.. واضاف: انا جاي أريح مصر! نحن في حاجة إلي عودة كمبورة لصفحات الأخبار.. لاننا ببساطة.. نريد ان نضحك!