رحلة الحياة نعرف بدايتها ولانعرف منتهاها.. نعرف بدايتها اذ نخرج من ارحام امهاتنا باكين مولولين.. ولانعرف منتهاها: كيف تكون؟ ومتي تكون؟ وأين تكون؟! الذي نعرفه ان أهلنا يودعوننا باكين مولولين.. وفيما بين البداية والنهاية نتقلب بين الفرح والحزن.. الصحة والمرض.. اليسر والعسر.. تحقق الآمال أو تحطم الآمال.. دائما نتقلب بين الشيء ونقيضه، وهذه سنة الحياة.. الابيض والأسود.. النهار والليل .. الضياء والظلمة.. الموجب والسالب.. الخير والشر.. وهكذا الخ. فطبيعة الحياة تلاقي الاضداد وتعاقبها، وتفاعلها مع بعضها البعض.. وعلينا ان نفهم الحياة كما هي ونتقبلها كما هي، وان تكون نظرتنا اليها واقعية.. ليست وردية كلها وليست سوداوية كلها، وان نحاول وقد فهمناها ان نرسم لانفسنا خطا مستقيما لانحيدعنه، وهو الصراط المستقيم الذي ندعو ربنا في كل ركعة نصليها ان يهدينا إياه »إهدنا الصراط المستقيم« والذي ان اتخذناه طريقا وتمسكنا به كانت رحلة حياتنا سالكة ممهدة، وإجتزنا الصعوبات والعقبات التي تواجهنا، حتي نصل بسلام إلي بر الأمان في آخرتنا، ألا وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار.. هذا الهدف لابد ان يكون نصب اعيننا طول وقت الرحلة التي لايعلم منتهاها الا الله خالقنا.. فإذا وضعنا هذا الهدف نصب أعيننا ووجهنا بوصلتنا اليه، سلمت لنا دنيانا التي نعيش فيها زمنا محدودا طال أم قصر، وفزنا في آخرتنا بجنات النعيم.. ولأننا لانعلم متي تكون النهاية.. نهاية رحلتنا الارضية.. فلابد ان نكون جاهزين للقاء الله في أي وقت.. بماذا؟ بالعمل الصالح وبالارتباط بالله عز وجل والاعتصام به »ومن يعتصم بالله فقد هدي إلي صراط مستقيم« »آل عمران 101« مع السعي في الاتجاه الصحيح الذي وجهنا اليه سبحانه، وبينته لنا السنة النبوية المشرفة قولا وعملا »تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا: كتاب الله وسنتي« »حديث شريف« وان نسلم الله أمورنا »ومن يسلم وجهه إلي الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقي وإلي الله عاقبة الامور« »لقمان 22« وإلي الله عاقبة الامور اي ان الامور كلها بيد الله يصرفها كيف يشاء.. والمؤمن مع ذلك قد يخطئ وقد يتنكب الطريق، فالاخطاء واردة دائما، ولكنه اذا ذكر ربه وندم علي مافعل، واستغفر ربه، فالله يرحمه »ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما« »النساء 011«.. فالمؤمن في أمان مع الله علي كل حال .. ان هو عمل صالحا فالله معه، وان هو اخطأ أو ظلم نفسه بارتكاب الذنوب، ثم استغفر ربه، فهو في رحمة ربه، وفي الآخرة يقرره الله بذنوبه »تعرف ذنب كذا؟ فيقول: رب أعرف، رب أعرف .. فيقول المولي تبارك وتعالي: سترتها عليك في الدنيا، واغفرها لك اليوم، ثم يعطي صحيفة حسناته« »حديث قدسي«.