بالرغم من جرائم الإرهاب المتكررة والبشعة التي ترتكبها عصابات العنف والتطرف والتكفير، ضد قواتنا المسلحة ورجال الأمن والشرطة، في سيناء وبقية المحافظات، ...، إلا أن هناك ملاحظة أساسية لابد من التوقف أمامها بالتسجيل والرصد، نظراً لأهميتها وتأثيرها البالغ علي المسيرة الوطنية بصفة عامة، وسلامة واستقرار البلاد بصفة خاصة. تنصب هذه الملاحظة وتتركز حول ذلك التناقض الملفت للنظر بين توجه النخبة في الأحزاب والتيارات والقوي السياسية، وموقفهم تجاه العديد من القضايا المثارة علي الساحة الآن، وبين ما يجب أن يتوفر لديهم من متطلبات ضرورية للحفاظ علي القدر الأدني من الاستقرار والأمن للوطن والمواطن في ظل حالة الحرب القائمة حالياً. وقد ظهر ذلك واضحاً في الضجة الهائلة التي أثارتها هذه النخبة، أو البعض منها، قبل وأثناء وبعد مناقشة وإعداد والانتهاء من قانون تنظيم الحق في التظاهر الذي قوبل بالكثير من الاعتراض والرفض من جانب هؤلاء، ووصل الأمر ببعضهم إلي التأكيد بأن مصر لا تحتاج لمثل هذا القانون من أساسه. لعلي لا افتئت علي أحد منهم علي الإطلاق، إذا ما قلت إن ما ظهر من هؤلاء في هذه القضية، قد أشار بقوة إلي قلة، إن لم يكن ضعف، الإحساس العام لديهم بخطورة وجدية الحرب الشرسة التي تخوضها مصر الآن في مواجهة الإرهاب، في إطار محاولة فلول الجماعة الإرهابية الانتقام من الشعب والدولة بسبب الخلاص من سيطرتهم وعزلهم عن الحكم، بعد ثبوت فشلهم وعجزهم عن إدارة شئون البلاد والعباد. وقد أدت قلة أو ضعف هذا الإحساس لديهم، إلي تجاهلهم للقاعدة الأساسية التي تقول إن الضرورات تبيح المحظورات، وأن المواجهة مع الإرهاب تتطلب وقف جميع المظاهرات غير السلمية، التي تتخذها الجماعة وسيلة لنشر الفوضي والانفلات والاعتداء علي الممتلكات وترويع المواطنين وإرهابهم. والمثير للانتباه والاندهاش أيضاً، في هذه المسألة هو ذلك التصور الخاطئ الذي تولد لدي هؤلاء بأنهم يعبرون في رفضهم واعتراضهم علي القانون، عن رؤية ورأي الناس ونبض الجماهير، في حين أن جموع الناس، وعموم الجماهير كان ولايزال لهم موقف يخالف موقفهم ورؤية لا تتفق مع رؤيتهم. »وللحديث بقية«