صورة صحفية ما تزال عالقة بذهني بعد وصول المعزول إلي الحكم في لحظة عبثية من تاريخنا، يدخل مكتبه في الاتحادية وخلفه شخصية ملتح وكلاهما تلوح عليه علامات الانبهار، هذا المبني أعرفه منذ الستينات عندما ترددت عليه لأزور الراحل الكريم حسين ذو الفقار صبري مع أستاذنا يحيي حقي وكان اسما علي مسمي وقتئذ، الحكومة الاتحادية، غير أن هيئته الحالية يرجع فيها الفضل إلي الدكتور زكريا عزمي الذي قام بعملية ترميم واسعة في القصور الملكية أمدت في عمرها وهذا ما يحسب له. بدا المعزول وتابعه غير مصدقين، ثم بدأت تترامي إلينا أخبار عن صرعة السلطة وأبرزها الأكل، خصص جناحا للطعام بحيث يدخل الفرد من الأهل أو العشيرة فيأكل من أطايب الطعام، خاصة الجمبري والاستاكوزا، ومن الغرائب أن فاتورة ساندويتشات أحد طلبات الرئاسة بلغت مائة وثمانية وثلاثين ألف جنيه، يبدو المعزول شرها للطعام ومد الاسمطة الحافلة لأهالي العشيرة، ويبدو فكه، خاصة الجانبي في وضع مضغ دائما، لهذا أثار مشكلة عند دخوله سجن برج العرب، فلم يعجبه الطعام العادي، وطلب دجاجا من البوفيه، أي أكل مخصوص، وفي حدود ما نشر فإن جميع قادة الإخوان ينعمون بإقامة مريحة الآن فلكل غرفة خاصة فيها ثلاجة وتليفزيون أرضي به القنوات الارضية فقط »هذا في حد ذاته عقاب يستدعي تدخل حقوق الانسان«، لكن يبدو أن الطعام هو ما يشغل مرسي، عندما كنا صغارا كنا نسمع عن شراهة الملك وتركيز خروف كامل في فنجان قهوة يشربه علي الريق، غير أن الملك كانت له هيبة، الملك ملك، مر بأطوار من التربية والتعليم وكان عزيزا مهابا، لم تهتز سيرته إلا في مشهد خروجه من مصر مؤثرا خاصة ما قاله للواء محمد نجيب إذ يوصي بالجيش: »أوصيكم بالجيش.. لقد تعب جدي في تأسيسه وهو الأمان لمصر«، كل حاكم تولي حكم مصر كانت له هيبة ما، أما مرسي هذا فكنت أتأمل صوره وأوضاعه، ولا أنسي يوم أن فتح الجاكتة في ميدان التحرير، كان كرشه متواضعا، كرش مدرس يكثر من الدروس الخصوصية، لم تبدله شهور السلطنة، زاد وزنه قليلا، أتأمله طويلا وأشعر بإهانة حقيقية.. هل يدرج هذا بين حكام مصر. إنها إهانة لهم ولمصر أيضا، فليشن آخر معاركه من أجل الطعام.