كفل الوقف الخيري بالحضارة الإسلامية قدراً أكبر من حرية الفكر والإبداع العلمي بعيداً عن قبضة السلطة ، لذلك ظل الخلفاء والملوك والسلاطين حريصين علي الاقتراب من العلماء والأخذ بمشورتهم لأن السلطة الحقيقية في البلاد الإسلامية- وهي السلطة الشعبية - كانت بيد العلماء ، لذلك أطلق الناس علي الإمام العز بن عبدالسلام سلطان العلماء. وتسابق السلاطين لإرضاء علماء الدين بوقف بعض أملاكهم الخاصة لطلبة العلم والبحث العلمي فظهرت الخانقاوات التي لعبت دورا كبيرا في تقدم العلوم العربية والإسلامية والتطبيقية بدرجة أزهلت الأمم الأخري . ومن أبرز السلاطين في الوقف علي نشر العلوم وتطويرها الظاهر بيبرس الذي أوقف أيضاً قريتي باسوس وأبو الغيط بالقليوبية للإنفاق علي المحمل وكسوة الكعبة المشرفة وإرسالهما للأراضي الحجازية كل عام . وكانت أول وأشهر وقفية في تاريخ الإسلام لإمام المتقين سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وكرم الله وجهه - حيث كتب بوقفيته : ( ابتغاء مرضاة الله ليولجني الجنة ويصرف النار عن وجهي ، ويصرفني عن النار ، في سبيل الله وذي الرحم والقريب والبعيد ، لا يباع ولا يورث ) . وحتي زمن قريب كانت للأزهر الشريف ومعاهده التعليمية مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والعقارات موقوفة من أهل الخير لتحقيق استقلال الأزهر عن التيارات السياسية وضمان الموضوعية في مناهجه التعليمية وأبحاثه الفقهية والعلمية ، لذلك نجح الأزهر في القيام بدوره في خدمة الإسلام والمسلمين في شتي بقاع العالم قبل أن تهيمن السلطة علي أوقاف الأزهر من خلال وزارة الأوقاف ، وما أدراك ما وزارة الأوقاف ؟! . إعادة النظر في قانون الوقف الخيري بصورة تتناسب مع واقعنا المعاصر هي السبيل إلي إقناع الخيريين من مختلف البلدان الإسلامية والعربية بإحياء أهم وجه من أوجه البر في الحضارة الإسلامية . المؤلفة جيوبهم سياسياً !! لا أدري من أي داهية أو بلاعة سياسية خرج علينا هؤلاء المحللون السياسيون الذين يشغلون حيزا كبيرا في مختلف وسائل الإعلام ليبشرونا بأن الشعب المصري لم يؤهل بعد لممارسة الديموقراطية . الله يسد نفسهم عن الديموقراطية والحياة كلها ، قادر يا كريم !! في السياسة لا شئ يحدث بالصدفة ، وإن حدث يمكنك المراهنة أنه خطط له لكي يحدث علي ذلك النحو كما يقول عمنا الفيلسوف توماس جيفرسون ، لذلك أضع يدي علي قلبي عندما تنفتح بلاعة هؤلاء المحللين بدون إحم ولا دستور لأنهم دائما يمهدون لأنظمة ديكتاتورية الواحد تلو الآخر ولا يملون من لعب هذه الأدوار التي تؤدي لإنتفاخ جيوبهم وإشباع نهمهم المرضي للثراء الفاحش ولو علي جثة الوطن وكرامة أبنائه !! أن تتكرر علي مسامعنا هذه المقولات الممجوجة وأن يعيد هؤلاء المحللون طلعتهم غير البهية علينا ليل نهار - رغم أننا مررنا بثورتين في أقل من عامين - فإن هذا يؤكد أننا لا نستفيد من أخطائنا ولا من تجاربنا مع مثل هذه الثورات ولا تلك النوعية المتسلقة والوصولية من بني البشر ، وفي هذا المقام تحضرني مقولة جيفارا : ( الثورة تتجمد ، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون علي الكراسي ويبدأون في بناء ما ناضلت من أجله الثورة ، وهذا هو التناقض المأساوي في الثورة ) . بعد ثورة 25 يناير بمصر خرج علينا إعلامي شهير ليؤكد لنا أنه من زعمائها ، وبعد ثورة 30 يونيو فوجئنا به يقول ( أن من يعتبر 25 يناير ثورة فهو حمار ) ويؤكد أنه مفجر وزعيم ثورة 30 يونيو وأنا لا أملك إلا أن أقول لهذا وأقرانه الذين أساءوا للإعلام والإعلاميين : ( إذا لم تستح فقل ما شئت) . لن نسمح - كشعوب عربية - لأنظمة طامحة للإستبداد والديكتاتورية أن تضعف عزيمتنا واصرارنا علي العيش في نظام ديموقراطي حر رغم أنف هؤلاء المحللين الذين أدمنوا العمالة لمن يدفع أكثر .