لا ياقلبي لا تتوجع ولا تتألم بعد هذا العمر المديد.. فرحتي فيك انك بدأت تتقرب إلي الله وتتطهر من المعاصي والذنوب وتمضي في طريق النور مسرعا والشوق إلي لقاء ربك والنظر إلي وجهه الكريم.. وحزني عليك انك بدأت تتوجع وتتألم وتنز، وتهتز نبضاتك بين الارتفاع والهبوط وتهتز دقاتك السريعة المتتالية المتلاحقة ثم تهن وتضعف في صمت رهيب في ظل صراعك الدائم مع القاتل الصامت لكنك خلال رحلة الحياة كنت دائما تقهر هذا المرض القاتل الصامت اللعين وتستمر الحياة.. الآن بدأت تشكو وتضعف وتتوجع وتتألم.. في لحظات المرض اللعين يهون علي النفس الجاه والسلطان والمال والجبروت في مقابل الصحة والشفاء وتكثر من الدعوات إلي الله عز وجل أن يمنحك الشفاء. وفي هذه اللحظات الأليمة اللعينة لا يستطيع جاهك ولا سلطانك ولا مالك ولو بلغ مال قارون أن يمنعك من بطش المرض اللعين وقدرة القدر الذي ينذرك أو يقوي عليك في لحظات. في رحلة الآلام عرفت الموت وشفته قريبا جدا في أكثر من مرة وعلي بعد لحظات وأنفاس قليلة ضعيفة ولولا العناية الإلهية ودعوات والديّ رحمهما الله والصالحين لكنت من عداد الموتي من ذزمن ليس بعيد.. فإذا مرضت فهو يشفين. في لحظات المرض رأيت الله عز وجل بعنايته الإلهية، وتدخله السريع في لحظات اليأس لإعادتي إلي الحياة مرة أخري حمدا وشكرا لرب العالمين جلت قدرته وعظم شأنه. في هذه اللحظات الأليمة الحياة لا تساوي شيئا فهي لهو ولعب وأن الحياة الأخري والشوق إلي لقاء رب العزة والنظر إلي وجهه الكريم هي الأبقي وهي الحق. في فجر يوم السبت الماضي ونحن نحتفل بعيد الأضحي فاجأني القاتل الصامت بارتفاع شديد في الضغط وأنا نائم في الشاليه بمصيف رأس البر وبلغ ما بين 032 و031 وتسبب عنه ارتشاح للماء علي الرئة واختناق القصبة الهوائية، بالمياه والبلغم وانسداد الحنجرة وتوقف التنفس تماما وارتفاع كبير بالسكر، استيقظت من النوم علي نوبة قلبية وكبرت الله أكبر واشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله واندفعت إلي البلكونة لأجد نجلي محمد وابن اختي اسلام الطالبين بأكاديمية أخبار اليوم وشقيقي محسن يتحسرون ويندفعون إليّ وإلي السيارة ودفعوني بها بسرعة وبعد لحظات من شدة التوتر اندفعت السيارة إلي أعلي الرصيف وتصطدم بنخلة في مقابل الشاليه المجاور ونزلت وهم يندفعون في كل اتجاه لايجاد سيارة أخري تنقلني إلي المستشفي وجاءت السيارة وأنا مازلت انطق بالشهادة عدة مرات. رأيت الموت بعد عدم القدرة علي التنفس وفور وصولي إلي المستشفي تم وضعي تحت جهاز التنفسي الصناعي وتم ابلاغ الدكتور محمد صلاح وكيل وزارة الصحة في الرابعة صباحا الذي أمر بتقديم كل المعونة والتسهيلات وأرسل أطباء كبار في العناية المركزة إلي المستشفي الدكتور ندي حواس زميل الدراسة في الثانوية والدكتور عبدالله جبة استشاري العناية المركزة والدكتور محمد الحناوي مدير مستشفي رأس البر والدكتور ياسر بدوي ود. مروة النشاوي والدكتور هشام جزرة استشاري العناية المركزة الذي جاء من القاهرة وطوال رحلة السفر كان علي اتصال دائم بالدكتور طارق جمعة الذي بذل جهدا كبيرا في محاولة انقاذي مع هيئة التمريض وفعلا بهذه الجهود الطيبة تم انقاذي بعناية الله وكتب الله لي حياة جديدة وقال الطبيب لنجلي: لو تأخر والدك لحظات لمات علي سلم المستشفي. في لحظات المرض تعرف فيها معادن الرجال من الأصدقاء وزملاء العمل وتعرف فيها مسئولين كبارا رجال في الحكومة وأنصاف رجال في محافظتي.