المقال الذي نشرته الزميلة مجلة »روزاليوسف« للدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية يكتسب أهمية مضاعفة. فهو يأتي قبيل أيام من توجه ملايين المصريين إلي صناديق الانتخاب لاختيار ممثليهم في مجلس الشعب القادم. عنوان المقال: [لا ولاية ل »فقيه« في الدولة المدنية]. عنوان جاذب للنظر والعقل، وسط عناوين كثيرة تقع الأنظار عليها ولا تتوقف أمامها، وبالتالي تكتب ولا تقرأ، وتدوي ضجيجاً دون أن يسمعها أحد! ومن العنوان الجذاب إلي مقدمة لا تقل جذباً، يقول كاتبها: [إن الدولة المدنية هي الدولة التي تحترم الدين وتقدر دوره في حياة الأفراد. وهي التي تضع قواعد واضحة لتنظيم العلاقة بين الدين والنشاط السياسي، وتضع قيوداً علي استغلال الدين سياسياً]. لا بأس، ولا إضرار، بحرص كاتب المقال د. محمد كمال علي تكرار هذه المعاني، التي تعرفها جيداً ما يسمي ب »الأغلبية الصامتة«، لكننا للأسف لا نسمع صوتها رداً علي ما تثيره »الأقلية الزاعقة« الرافضة لأي شيء، ولكل شيء، قد يتعارض من قريب أو بعيد مع ما يتوهمه قادتها: »مقدسات خصتها العناية الإلهية لهم، وعليهم نشرها وفرضها فرضاً علي أغلبية معارضة لكنها للأسف مرة أخري ما تزال متمسكة بصمتها! الكاتب يُذكر أغلبيتنا الصامتة بأن الدولة المدنية هي تلك التي تقوم علي المساواة بين المواطنين بغض النظر عن الدين أو الجنس أو الأصل، وبالتالي طبقاً لدستورنا القائم [لا مكان في دولتنا لأي فكر أو ممارسات تنتقص من حقوق بعض المواطنين، وتنظر لبعضهم علي أنهم من الدرجة الأولي والآخرون من درجات أدني]. و هواية »الفصل« بين مواطنين يحصلون علي حقوقهم، وبين آخرين يحرمون منها.. لا تتوقف علي هذا الحد، وإنما نري هواته يطبقونه أيضاً في فصلهم حقوقاً كثيرة يسمح للرجال بها، و حقوقاً تكاد لا تذكر يتصدقون بها علي النساء، رغم أنهن يمثلن نصف المجتمع أو ربما أكثر من النصف في بعض الأحيان. الداعية الإسلامي الشهير: د. يوسف القرضاوي أدلي بتصريحات لموقع جماعة »الإخوان المسلمين« حث فيه [المسلمات الملتزمات من نساء الجماعة المحظورة علي خوض الانتخابات التشريعية، لمواجهة المتحللات العلمانيات اللاتي يزعمن قيادة العمل النسائي في مصر]. هكذا.. ببساطة متناهية صدمنا الداعية الإسلامي المعروف برأيه في نساء مصر اللاتي تقدمن لترشيح أنفسهن في الانتخابات، تمثيلاً لأحزاب وبرامج حزبية [تلتزم بالدولة المدنية وتستند في شرعيتها إلي الدستور وليس إلي تفسيرات ذاتية لنصوص دينية].. كما جاء في مقال الدكتور محمد كمال. الداعية الإسلامي يخص مرشحات الجماعة المحظورة بأنهن:»مسلمات ملتزمات«، أما غيرهن من مرشحات المجتمع المصري فلا يتردد في وصفهن أوصافاً لا تليق بنساء مصر، بصفة عامة، وتسيء إساءة بالغة إلي رموز مضيئة لنصف مجتمعنا، بصفة خاصة! فالقرضاوي لم يجد أدني حرج في الإشارة إلي السيدات المرشحات من خارج جماعته المحظورة بأنهن من [المتحللات، العلمانيات، اللاتي يزعمن قيادة العمل النسائي]. أعجبني سرعة رد السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري الذي شدد فيه علي رفض المحاولات المستمرة من قوي سياسية غير شرعية لخلط الدين بالسياسة في الدعاية الانتخابية، وسعي هذه القوي لتعميق الشعور بدونية المرأة والانتقاص من دورها المهم في المجتمع]. كما استنكر الأستاذ الدكتور علي الدين هلال أمين الإعلام في الحزب الوطني تصريحات القرضاوي، قائلاً: [إنها تصريحات تحمل نظرة دونية لدور المرأة المصرية في الحياة العامة، وتعد استكمالاً لرؤية الجماعة المحظورة التمييزية تجاهها]. ما قاله القرضاوي ليس بالجديد. فقد سبقه معظم قيادات الجماعة في ترديده، وربما بكلمات أشد وبأوصاف أكثر تدنياً. رد فعل أغلبيتنا الصامتة علي هؤلاء لم يزد عن نقد ما قيل، أو تكرار الدفاع عن حق المرأة في مساواتها بالرجل. ولا شيء آخر.. أكثر من تكرار التطاول والرد عليه من بعض الأصوات والأقلام. وهذا في رأيي ليس حلاً. فلا أعداء حقوق وحريات المرأة لديهم النية لتغيير موقفهم منها، والتقليل من كراهيتهم لها، ولا أنصار احترام المرأة وتقديرها استطاعوا حمايتها من الاعتداءات اللفظية عليها من أناس لا هم لهم غير تحجيم دورها، وتقليص إسهامها في خدمة ورفعة الوطن، وتقزيم أي عمل ناجح برعت فيه وتميزت به: علماً، وثقافة، و جهداً. والحل؟ قد نعثر عليه في متابعتنا غداً لمقال د. محمد كمال المنشور في الزميلة »روزاليوسف«.