هل يستويان مثلا؟ المؤكد لا، والأكثر تأكيدا أن الانتحار ما كان ليصبح سبيلا إلي الاستشهاد، مهما عظم الدافع واستحال البديل. إن المتباكين علي الدماء السائلة في شوارع وميادين المحروسة عبر شاشات التحريض هم الأكثر حرصا واستبسالا في زيادتها وإغراق مصر بها، إما بالانقياد جهلا أو بالدفع تجاهها تحت وهم الإغراء بالنعيم المقيم في الآخرة. الله يقول في كتابه العزيز »ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة« والمحرضون علي التمسك بشرعية منقضية يقول لسان حالهم لضحايا تحريضهم لا تلقوا براية الاستسلام والتعقل والانصياع لواقع الأمور.. ويتهمون الآخرين بالكذب والتضليل، ويشترون عداء إخوانهم في الوطن بنداءات من عينة »عبيد البيادة« أو »نازل ولا متنازل« ويصفون من يتابعون الإعلام الوطني بأحقر الصفات أقلها أنهم قد تحولوا إلي »حمير«.. ويرون الحقيقة فقط فيما يخدع أعينهم ويسكر أفهامهم، ولايسألون أنفسهم إن كان ذلك الإعلام الذي يخاطبهم يبغي بالفعل وجه الحقيقة أم يريدها نارا وسعارا يكتوي به الجميع ويسعد نفس الإعلام بمناظر التناحر والتنافر وسفك الدماء وتهديد ركاب المترو والتفجيرات المفخخة وقتل الضباط والجنود وافرحي يا أمريكا وارقصي ياإسرائيل! ألا يستدعون ما فعله الإمام الحسن رضي الله عنه حين تنازل عن الخلافة درءا للدماء وعصمة للحرمات؟ ولو استدعاه كبارهم لانقلب كثير من الأمور رأسا علي عقب ولرأي الجميع فيهم الحرص علي صالح الدين وصالح الوطن ولربما تغير الأمر لدي البسطاء واكتسبوا بينهم قبولا وحققوا بهم درعا واقية للوطن ولهم وللآخرين، لكنها المكيافيلية السياسية تتسربل برداء خادع لم يعد يجدي نفعا مع أهل »البين بين« خاصة بعد أن استحالت الأمور إلي عداء مع شركاء الوطن وإخوة الدين.