بعد ما جري من نقاش وجدل في مجلس الشعب بين حكومة الدكتور نظيف ممثلة في وزير التنمية الاقتصادية وبين الدكتور جودت الملط رئيس جهاز المحاسبات حول معدلات الفقر والتنمية وعن الفئات التي استفادت والتي لم تستفد فإن من حقنا باعتبارنا اصحاب المصلحة الأساسية ان نسأل أين الحقيقة في كل ما تم طرحه؟ من الطبيعي ان يثير هذا الخلاف حيرتنا فيما يتعلق بتقدير حالتنا الاقتصادية والاجتماعية. اننا نتطلع الي حسم هذا الأمر بتبيان هذه الحقيقة علي ضوء التناقض في جوهر البيانات والتقديرات الصادرة عن جهازين رسميين في الدولة أولهما الحكومة التي تمثل الغالبية في مجلس الشعب والجهاز المركزي للمحاسبات المستقل المنوط به رقابة أعمال الحكومة وتقديم تقاريره وعرضها امام اعضاء البرلمان. في الجلسات التي شهدها مجلس الشعب جرت مواجهة بين رئيس جهاز المحاسبات وبين الحكومة التي تحدث بالنيابة عنها الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية. في البداية أعلن الوزير ان نسبة الفقر بين المصريين قد تراجعت وفقا لبيانات البنك الدولي حول الاقتصاد المصري من 32٪ عام 5002 إلي 9.81٪ عام 0102 واكد انه لم تستأثر فئة معينة من الشعب بنتائج تزايد معدلات النمو التي حققت ارتفاعا رغم الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة. اشار الي اهتمام الحكومة بخفض نسبة الفقر من خلال جهود التنمية وتحسين مستوي المعيشة والاهتمام بمحدودي الدخل. حرص الوزير علي ان يرد علي ما جاء في تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات مستندا إلي تقرير البنك الدولي. قال ان البيانات المقدمة من الوزارة والتي تضمنها تقرير البنك الدولي الصادر سنة 7002 . اعتمد علي النتائج التي توصل اليها الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء حول الدخل والانفاق والاستهلاك وان ارتفاع نسبة النمو خلال الفترة من 5002 وحتي 8002 ادي إلي اتساع نطاق المستفيدين وهو ما أدي الي انخفاض نسبة الفقر. تعليقا علي ما جاء في بيان وزير التنمية الاقتصادية ولتأكيد المصداقية استهل الدكتور جودت الملط كلامه مشيدا بما حققته حكومة د. نظيف من جهود للارتفاع بمعدلات النمو الي 7.4٪ رغم ان النمو كان بالسالب في العديد من دول العالم بتأثير الأزمة المالية العالمية. بعد هذه المقدمة البراقة عاد الدكتور جودت الملط للتأكيد انه اعتمد في التوصل الي نتيجة عدم تراجع نسبة الفقر في مصر علي تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأممالمتحدة وعن تقرير اخر لصندوق النقد الدولي والذي لم تشترك في اعداده وزارة التنمية الاقتصادية أو أي وزارة اخري. وقال ان هذه التقارير الدولية اشارت الي ارتفاع نسبة الفقراء الي 8.32٪ عام 8002 -9002 وهو ما يعني ان الاداء الاقتصادي لم تتم ترجمته الي تحسن في مستوي معيشة الفقراء. وبعيدا عن هذا الجدل النظري إلي حد ما فإن الواقع السائد والمُستند الي المعايشة الاجتماعية الميدانية يشير الي تزايد المعاناة في اوساط الطبقات الفقيرة والمتوسطة مع عدم توافر التعويض الذي يتناسب مع ارتفاع في الاسعار والزيادة في التكلفة المعيشية. كل هذه المظاهر والتي حاول كل من المسئولين الحكوميين وزير التنمية الاقتصادية ورئيس جهاز المحاسبات التعرض لها تجعلنا نطالب بمن يؤكد لنا أين الحقيقة في كل ما قيل ويقال؟.