[email protected] ظللنا طوال العشرين سنة الأخيرة، نقول للفلاحين: لا تزرعوا قمح الموسم الجديد بتقاوي الموسم القديم، بلاش التقاوي البايتة، وخذوا تقاوي الوزارة، لأنها مغربلة، بحيث تبقي الحبوب الجيدة، بعد استبعاد الحبوب الضامرة والمجعدة، التي تثمر انتاجا ضعيفا، التقاوي المعتمدة، كما يؤكد خبراء مركز البحوث الزراعية، تزيد انتاجية محصولكم 01٪ علي الأقل.. فخذوها.. وظللنا طوال نفس العشرين سنة نطلب من وزارة الزراعة، ممثلة في الإدارة المركزية لانتاج التقاوي، توفير الكميات الكافية من التقاوي المعتمدة لكل المساحة التي قدر أن تزرع قمحا في كل موسم.. طبعا علي أن تكون تقاوي كل صنف كافية لزراعة المساحة المحددة له، حسب الظروف المناخية وطبيعة تربة كل أقليم، حسبما يحدد الخبراء والارشاد الزراعي.. وكان المفروض أن يلتقي ويتكامل الأمران: يطلب الفلاحون.. وتلبي الوزارة حتي يتحقق الغرض، وهو زيادة الانتاجية وزيادة الانتاج وتحقيق معدلات متصاعدة من الاكتفاء الذاتي، وزيادة دخل الفلاحين، لكن ذلك لم يحدث.. أبدا.. لماذا؟.. لأن وزارة الزراعة تعاملت مع التقاوي بالأسلوب التجاري، الذي يهدف للربح.. وليس باعتبارها خدمة انتاجية تقدمها للمزارعين، لصالح الانتاج الزراعي والاقتصاد الوطني. فإدارة التقاوي تشتري من كبار المزارعين بالسعر المعلن للاردب+ 02 جنيها علاوة اكثار، ثم تبيعها مع بداية الموسم التالي بسعر مبالغ في ارتفاعه قلنا لهم ألف مرة: هذا ليس مجالا للربح، قالوا: نحن نتكلف كثيرا: النقل من عند المزارعين إلي محطات الغربلة، وفي الغربلة تسقط كميات نستبعدها، ثم التعبئة، والنقل إلي أماكن الزراعة، مع ثمن المبيد الذي يحميها من الحشرات طول فترة التخزين، ثم حوافز لكل من يقوموا بذلك، قلنا: التكاليف كلها علي عيننا وعلي راسنا، لكن الحوافز علي الحكومة، إلا أنهم أصروا، وكانت النتيجة دائما أن معظم الفلاحين لا يستطيعون الشراء، وفي كل سنة تمني الوزارة ب »مرتجع«! تقاوي كان يمكن أن تزيد الانتاج، تحولت إلي »فاقد« وخسارة! وهكذا استمر الحال، لم تع إدارة التقاوي ووزارة الزراعة الدرس.. ولم يغير الفلاحون موقفهم السلبي المرغمين عليه بسبب الفقر الذي تفاقم سنة بعد أخري.. حتي كان العام الماضي، انتجت الإدارة كمية، عرضتها بسعر 006 جنيه للاردب، أي 003 جنيه لل 57 كيلو التي تزرع الفدان، لم يستطع الفلاحون- ومعظمهم فقراء، وهم الأحوج لما يزيد انتاجيتهم - الشراء، ولم تفكر الوزارة وإدارة التقاوي حتي بعقلية التاجر الذكي، الذي عندما يجد لديه بضاعة كاسدة، يعمل أوكازيون، ويبيعها بتخفيضات مغرية، أبدا، استخسرتها في الفلاحين الغلابة.. وفضلت ضياعها عليهم وعليها وعلي الزراعة - والبلد، وخسرت، وخسرت الدولة في هذه السنة - الماضية- ثلاثين مليون جنيه. وبدلا من تدارك الأمر، عمدت إدارة التقاوي إلي تقليل الكمية التي تنتجها وهكذا نزلت بالكمية التي كانت وصلت إلي 005 ألف اردب، وكنا زعلانين لأنها لا تكفي إلا لحوالي مليون فدان.. نزلت بها هذا العام إلي 051 ألف أردب فقط، يضاف إليها 09 ألف أردب من انتاج الشركات الخاصة.. يادوب تزرع نصف مليون فدان وهكذا عشنا وشفنا شح تقاوي القمح.. المعتمدة والبايتة معا. المؤسف ان الحكاية ليست في أزمة تقاوي.. فما أزمة التقاوي إلا عنوان ل نكسة القمح! ولهذا حديث آخر..