منذ ان قامت ثورة 30 يونيه واطاح الشعب بنظام الاخوان المسلمين ونحن نسمع تصريحات كثيرة منسوبة لمسئولين او محللين امريكيين عن قطع المعونة الامريكية هذه المعونة التي بسببها تسمح امريكا لنفسها انتهاك سيادتنا والتدخل في شئوننا الداخلية ..فكرة المعونة الامريكية متي بدأت وما اهميتها بالنسبة للمجتمع المصري وبنود وشروط صرفها .. »الاخبار« تجيب علي الاسئلة في السطور القادمة.. موطئ قدم بدأت المعونة الأمريكية لمصر بعد حركة الضباط الأحرار في عام 1952، حيث قام عدد من الخبراء الأمريكيين بزيارة مصر في فبراير 1953 في إطار مشروع النقطة الرابعة الذي أعلنه الرئيس الأمريكي هاري ترومان كإطار لبرنامج للمعونات موجه من الولاياتالمتحدة إلي الدول النامية، وذلك في سياق التنافس بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي في ظل الحرب الباردة لكسب موطئ قدم في المناطق والدول التي تنسحب منها الإمبرياليات القديمة التي غربت عنها الشمس. ومنذ ذلك الوقت وحتي عام 1975 مرت المعونة الأمريكية لمصر بفترات من الصعود والهبوط والتوقف في ارتباط بتطور العلاقات المصرية - الأمريكية، وفي ارتباط باتجاه الطبقة الحاكمة المصرية بدءًا من أواخر الخمسينات للدوران في فلك النفوذ السوفييتي. إلا أن البداية الحقيقية لبرنامج المعونات الأمريكية المستمر حتي يومنا هذا كانت في عام 1975 بعد حرب أكتوبر وبعد المفاوضات المصرية الإسرائيلية لفض الاشتباك علي جبهة القتال.. في هذا التوقيت بدأت الولاياتالمتحدة تحقق تواجدا ونفوذا أعلي في منطقة الشرق الأوسط الحيوية بالنسبة لمصالحها.. أما الطبقة الحاكمة المصرية فقد انعطفت بشكل حاسم في اتجاه الولاياتالمتحدة بعد الحرب في محاولة لحل الصراع العربي الإسرائيلي بالطريقة التي تسهل وتضمن اندماج البرجوازية المصرية في السوق الرأسمالي العالمي.. إذن لقد تلاقت مصالح الطبقة الحاكمة المصرية مع مصالح الإمبريالية الأمريكية التي رأت أن هناك ضرورة لدعم النظام المصري الذي أصبح استقراره وقوته يمثلان حماية المصالح الأمريكية في مواجهة ما أطلق عليه معسكر الرفض من القوي المناوئة بهذه الدرجة أو تلك لبسط النفوذ الأمريكي علي المنطقة. دعم السلام ومنذ عام 1982، بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية في منح مصر وإسرائيل مساعدات مالية عسكرية واقتصادية بشكل سنوي، بعد ان كانت قبل ذلك بشكل متقطع وذلك في إطار دعم مباردة السلام التي توصلتا إليها الدولتان في عام 1979.. وبموجب الاتفاق تحصل مصر علي 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية، بالإضافة إلي نحو 810 ملايين دولار كمساعدات اقتصادية، فيما تحصل إسرائيل علي نحو 3 مليارات دولار سنويًا .. وتقلصت المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر من 810 ملايين دولار، إلي 250 مليون دولار. وعلي مدار السنوات من 1975 وحتي 1994 بلغ إجمالي ما حصلت عليه مصر من مساعدات اقتصادية من الولاياتالمتحدة حوالي 19 مليار وثلاثمائة مليون دولار أي حوالي 57 مليار و68 مليون جنيه مصري.. وقد توزعت هذه المساعدات كالآتي: 5.4 بليون دولار مخصصة لتمويل برنامج الواردات السلعية وهو ما يشكل 28.1٪ من إجمالي المعونات المقدمة لمصر؛ 1.9 بليون دولار في شكل معونات نقدية ومنح قطاعية وهو ما يمثل نسبة 9.6٪ من إجمالي المعونات؛ 8.2 بليون دولار لتمويل مشاريع في القطاعات المختلفة وهو ما يشكل نسبة 42.1٪ من إجمالي المعونات؛ 3.8 بليون دولار مخصصة لتمويل توريد سلع زراعية لمصر من قانون فائض الحاصلات الزراعية وهو ما يشكل 19.7٪ من إجمالي المساعدات الأمريكية لمصر. تمويل العجز ووفقاً للتقارير الرسمية لوزارة التعاون الدولي، بدات الولاياتالمتحدة في تخفيض المعونة الاقتصادية المقدمة لمصر بواقع 40 مليون دولار سنوياً، وبموجب هذا التخفيض السنوي المستمر تقلصت المعونة الاقتصادية الأمريكية لمصر إلي 50٪ من حجمها عام 1998 لتصبح 407.5 مليون دولار في عام 2009ثم انخفضت إلي 250 مليون دولار عام 2010 وحتي ونستطيع أن نقدر التأثير الحقيقي للمعونات الأمريكية يجب ان ننظر الي مقدار مساهمتها في تمويل العجز التجاري المصري.. فعلي سبيل المثال في عام 1975 بلغ العجز 2374 مليون دولار بينما كانت المعونة 371.9 مليون دولار أي أن نسبتها علي العجز كانت 15.7٪. وفي عام 1980 بلغ العجز 2960 مليون دولار، بينما كانت المعونة تقدر ب 1154.1 مليون دولار أي أنها ساهمت في تمويل العجز بنسبة 39٪. وفي عام 1983 بلغ العجز 3822 مليون دولار وكانت المعونة الأمريكية تقدر ب 1011.6 مليون دولار أي بنسبة 26.5 من العجز.. والان تمثل قيمة المعونة الأمريكية لمصر نحو 1٪ من قيمة الناتج القومي الإجمالي لمصر طبقًا للأرقام المعلنة في عام 2011 بنود المعونة وبموجب الاتفاق تحصل مصر علي 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية، ولا تحصل عليها نقدًا، وإنما تشترط المعونة الأمريكية أن تقوم مصر بالحصول علي الأسلحة المصنعة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وينص القانون الأمريكي علي تعليق كافة المساعدات العسكرية والمالية إلي أي دولة يسيطر الجيش علي مقاليد السلطة بها، دون سند دستوري (الانقلابات العسكرية) .. وهذه المعونة تكون مشروطة واوجه صرفها محددة ..حيث ان 10٪ فقط من المعونة الأمريكية تستلمه مصرفي صورة نقدية ، و28٪ لتمويل الواردات السلعية و 42٪ لتمويل مشاريع في قطاعات مختلفة و 20٪ لتمويل توريد سلع زراعية وفق قانون فائض الحاصلات الزراعية الأمريكي..ورغم تحديد الجانب الأمريكي لبنود صرف المعونة، إلا أنه لم يكتف بذلك ووضع شروط لتقييد الصرف من تلك البنود تتضمن ان يجبر برنامج الواردات السلعية الحكومة المصرية علي شراء المنتجات الأمريكية حتي وإن كانت أسعارها مرتفعة عن الأسعار العالمية، وكذلك يشترط نقلها علي سفن أمريكية ويحظر برنامج تمويل توريد السلع الزراعية استخدام المعونة في كل ما من شأنه جعل مصر قادرة علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح كما يشترط برنامج تمويل المشاريع الاستعانة بالخبراء الأمريكيين في شتي مجالات العمل، وقد وصل عددهم إلي 26 ألف خبير يحصلون علي 35 ٪ من القيمة السنوية للمعونة ، بالاضافة الي اشتراط برامج التدريب والابتعاث إرسال كبار المسئولين ورجال الدولة من المبتعثين المصريين لتلقي دورات تدريبية في الولاياتالمتحدة، ويتم خلال هذه البرامج ربط المتدربين بالولاياتالمتحدة بحيث يتحول هؤلاء المتدربون عند عودتهم إلي منفذين للنموذج الأمريكي.