لم أصادف في حياتي طريقا بهذا الشكل العشوائي وبتلك الخطورة البشعة، حيث لا يكاد يمر اسبوع دون وقوع حادث.. قتيل أو جريح. طريق قطور يزدحم بكل اصناف وسائل النقل توك توك، اجرة، نصف نقل، ملاكي، نقل، مقطورة، جرار زراعي، موتوسيكل صيني وياباني، أتوبيس، ماكينات ري وكومباوند، سيرفيس وميني باص وغيرها، وبالاضافة إلي ذلك كله توجد جامعة طنطا أمام مدخل قرية سبرباي، وبها مئات الالوف من الطلبة في كلياتها المتنوعة، وأمام القرية أيضا مصنع الدواجن والجمعية الزراعية وقرية SOS. وذلك بالاضافة أيضا إلي سكان القرية بمئات الألوف من عمال ومزارعين وطلبة وموظفين وما بها من مصانع ومدارس وعيادات ودور حضانة تخدم أهلها والقري الجاورة، مع كل انواع الماشية والباعة والآلات. تعتبر سبرباي إذن مركزا للعديد من انشطة، ونقطة التقاء الطرق المتجهة الي، أو الآتية من كفر الشيخ، طنطا، قطور، نواج، دمشيت، ومع مستخدمي طريق مصر اسكندرية الزراعي. وهي محطة انتظار وصول وانتقال تخدم كل ما سبق. ولن تتخيل كابوس الزحام الدائم والمرعب امام القرية، وتكاد ساعة خروج طلبة الجامعة والمدارس تمثل رعبا مجسما اكثر من مرة يوميا.. يذكرك بما تقرأ عن يوم الحشر.. مع المشاجرات والتحرش وغيرها وطريق قطور يكاد يقسم القرية، وعلي المتجه منها إلي طنطا أو القاهرة أو الاسكندرية أو الذاهب من أبنائها الي جامعته أو عمله عبور طريق الموت المذكور، ومن ثم أصبح من المعتاد فقد عزيز او اصابه قريب أسبوعيا. تقدم أهالي القرية واعضاء مجلس الشعب بها بطلبات لحل مأساة سبرباي، دون جدوي وتتكرر الشكوي وتستمر الحوادث المميتة، وتستقبل المدافن المزيد من الضحايا. حتي كان الاسبوع الماضي.. ووقعت حادثة أخري -كالعادة- سيدة تعبر الطريق، تقع تحت عجلات سيارة.. وتلاقي ربها.. وهنا - بعد ان طفح الكيل ولم تستمع أي جهة لمطالب السكان المتمثلة في بناء كوبري أو طريق علوي للسيارات او نفق عبور للناس أو حتي مطبات صناعية فعالة مع اشارات ورجال مرور، وعندما أصاب الجميع اليأس من الاهتمام بارواحهم قاموا بقطع الطريق أمام مدخل القرية لمدة ساعتين كي يسمعوا اصواتهم الصارخة لمن يهمه الامر، وتوقف المرور تماماً وأصيب طريق الموت بالشلل، وبسبب ذلك، ومع محاولات التهدئة والاتصال بمسئولي المرور ضمن مجهودات بذلها عمدة القرية جلال بك أمين ومرشح مجلس الشعب العقيد حافظ الخولي وغيرهم.. وصل أخيراً مسئول المحافظة وبعض رجال المرور، وسمع الاهالي الساخطون وعودا بحل المشكلة.. ومع عدم ثقتهم التامة في تحقيق الوعود طبقاً لتجارب مريرة سابقة، انفض الاعتصام المروري وأعيد فتح الطريق الأكثر زحاماً ربما في مصر كلها. علي أي حال لم تكن تلك هي المرة الأولي لخروج اهالي سبرباي علي المألوف وما عرف عنهم من هدوء حيث سيبق وثاروا بسبب التجاوزات التي حدثت في تنفيذ الطريق الدولي الذي اقتطع المئات من أفدنة القرية الزراعية دون مراعاة لانشاء ممر آمن أو نفق عبور لمن يذهب لحقله يوميا حتي وصل بهم الامر للاعتصام امام مبني مجلس الشعب بالقاهرة منذ شهور. أعيد فتح الطريق أذن بعدما فقدت القرية عزيزاً آخر.. وعاد الزحام القاتل لحاله، وتردد التساؤل البائس: متي يسمع المسئول، متي نحصل علي حقوقنا الآدمية كمواطنين يدفعون الضرائب ويحترمون القانون، ولا يريدون العودة لقطع الطريق اضطراراً؟!