د. عىد بن مسعود الجهنى الإسلام علم الإنسانية مبدأ التعاون والتعايش وقبول الآخر المحقق للتفاعل بين الثقافات والحضارات وهو التعارف بالمعني القرآني السامي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات 13هذا الأسلوب المثالي من الحوار يعد عملا إنسانيا يترك بصماته في حركة التاريخ وترياق شاف من العقد الفكرية والثقافية والحضارية والاختناقات والأزمات الاقتصادية بل والصراعات والاضطرابات السياسية والاجتماعية وقوة دافعة لاستقرار حياة الإنسان علي الكرة الأرضية في عالمنا المتغير. ويبرز دور الأزهر الشريف والعلماء والحكماء وأهل الحل والعقد والمفكرين والمثقفين ورجال الإعلام ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث والجامعات وغيرها في مصر الحبيبة لتواصل الحوار المثمر بشروطه الموضوعية والجدية والذي يظهر من خلاله التوافق لمصلحة الوطن العليا تحت قبة الحوار يراجع الجميع كل المواقف والقضايا ومحاولة الوقوف علي مواطن القوة والضعف ومعرفة الخلل والقصور لإصلاح البيت من الداخل وإذا رفض نقد الذات ولم تحرك عجلة الحوار الداخلي واستبدل باللجوء إلي التعسف والتعنت واتهام الآخرين وإثارة عداواتهم وكراهيتهم هنا يكون البعض باحثين عن شماعة يعلقون عليها أسباب التشتت والتشرذم والتمزق والإحباطات والمشاكل التي لا تنتهي بدلا من النبش عن العيوب وهي ظاهرة ظهور الشمس في وضح النهار وعندها سوف يصدق قول الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا من ضمن القضايا الهامة التي هي مطروحة للحوار في بلاد (أم الدنيا) تعديل بعض مواد دستور 2012 والمتتبع لتطورات الدساتير المصرية يدرك ان مصر عرفت دساتير منها دستور 1923 الذي صيغت مواده والاحتلال آنذاك كان جاثما علي صدور المصريين، ثم صدر الدستور المؤقت عام 1952/ تلاه دستور 1956ثم دستور 1971 وجاء دستور 2012 بعد ثورة 25 يناير 2012. إذا مصر لها تاريخ طويل مع صياغة الدساتير، والدستور الأخير ماهو إلا واحد منها وهو قابل للتعديل والحذف والإضافة، لأن أي دستور ليس الا تقنينا لصورة الدولة التي تحرص علي تحقيق الخير لجموع المواطنين الذين ينتسبون إليها، والمحافظة علي كيان الدولة ووجودها في مواجهة العدوان الخارجي من خلال جيش قوي، والحفاظ علي النظام في داخل الدولة، يدعمه مرفق البوليس وسلطة قضائية مستقلة .. الخ. ومن هذا المنطلق وبعد ثورة 30 يونيو جاءت الدعوة لتعديل ذلك الدستور الأخير، واختيرت لجنة لتعديله، هذه اللجنة عدد أعضائها خمسين عضوا يمثلون كل الجهات والأحزاب دون إقصاء لأي فصيل، وهذا أسلوب دستوري سليم يخدم مصالح البلاد والعباد ، ورغم ان البعض مع صياغة دستور جديد للبلاد وآخرين مع التعديل حذفا أو إضافة، فان المهم ان يخرج الدستور خاليا من أي (عوار) قانوني معبرا عن إرادة الجميع قضية أخري هامة جدا انها (مبادرة المصالحة الوطنية) التي دعا إليها الأزهر الشريف ممثلا في شيخه أ.د. احمد محمد الطيب، مصالحة وطنية شاملة لا تقصي أحدا ينخرط تحت لوائها جميع طوائف المصريين من أحزابا وتيارات سياسية ومجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني، وتكمن أهمية هذه المبادرة التي لقيت تأييد العديد من الأحزاب السياسية وغيرها، إن مصدرها الأزهر الشريف الذي عرف بتبنيه للإسلام الوسطي البعيد كل البعد عن العنف والتطرف والإرهاب، وعرف هذا الصرح الإسلامي الشامخ بعمله الدؤوب علي لملمة الصفوف لتحقيق وحدة الشعب المصري العريق وأمنه وسلامته واستقلاله، وبذا فانه (الأزهر) يمكنه لعب دور رئيس للتقريب بين وجهات نظر جميع الأطراف لبلوغ المصالحة الوطنية الشاملة خاصة إذا كان كل فريق مستعدا للتنازل عن التمسك بكل مطالبه متحليا بحوار الشجعان من اجل غاية سامية كبري انها مصلحة الوطن العليا. ولا خيار أمام كل المصريين سوي الحوار والإتفاق، ولا تقدم ولا تطور ولا تنمية ولا اقتصاد ولا بناء وطن من دون وضع مصير أمن واستقرار أول دولة وحضارة عرفها التاريخ الإنساني فوق كل خلاف وفوق كل رغبات شخصية وأطماع سياسية، والكل يدرك أن الأسابيع الماضية كانت حبلي بالمشاحنات والتشنجات والظروف العصيبة التي قد تخرج من رحمها كوارث تضع مصير البلاد في مهب الريح.