فوزى مخيمر منتصف عام 2011م، عام ثورة الشعب المصري، وفي خضم ما شهده الشارع من احتقان ومظاهرات، ووقفات، وخلافات وعناد بين الاحزاب والقوي السياسية المصرية، شهدت الاوساط الدبلوماسية والاعلامية والسياسية والشعبية انطلاق فعاليات ملتقي رياض النيل بمبادرة من احمد عبدالعزيز قطان سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة ومندوبها لدي الجامعة العربية. الملتقي انطلق من احدي القاعات الفخمة المطلة علي اجمل منطقة في نهر النيل الخالد بالقاهرة، من احد الفنادق الانيقة جدا، بمشاركة العشرات من مثقفي مصر ومفكريها والدبلوماسيين العرب والاحزاب والقوي السياسية، وكان ضيف الشرف الاول في الملتقي عمرو موسي الامين العام السابق للجامعة العربية، والضيف الثاني محمد العرابي وزير الخارجية السابق، والذي لم ينل حظه ولم يأخذ فرصة وجاءت الرياح العاتية للتيارات السياسية والثوار لتطيح به دون ذنب جناه أو خطأ ارتكبه أو تقصير حدث في أيامه القصيرة جدا. بعدها توقف نشاط الملتقي، الذي استهدف التحاور والنقاش والتقارب والتفاهم والتواد بين النخب المصرية والعربية، والاسباب لا يعلمها الا الله وصاحب فكرة انطلاقه.. تذكرت ملتقي رياض النيل، خلال مروري اليومي بشارع النيل ما بين كوبري الجيزة وكوبري الجلاء متوجها الي عملي، مرورا بالاطلالة الراقية التي ترتفع لأكثر من 20طابقا وهي المقر الجديد للبعثة الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية، والتي اضفت رونقا وجمالا علي المنطقة، فالشوارع المحيطة بها هادئة ونظيفة خاصة بعد اعادة رصفها من قبل السفارة. الاسبوع الماضي كنت علي موعد مع السفير السعودي أحمد عبد العزيز قطان بمكتبه الجديد، وكعادتي الصحفية ان اذهب الي موعدي بوقت كاف نظرا للظروف المرورية والوقفات الاحتجاجية والمسيرات المتواصلة، لعلي اجد المكان المناسب لسيارتي، وبينما ابحث حول السفارة عن موطئ قدم للسيارة لمحت السفير السعودي خارج المقر، يتجول حول المبني، يتفقد المشهد الخارجي، والمحه يعطي توجيهات لمن حوله، ويشير الي اعمدة الانارة الخارجية. قبل الموعد المتفق عليه بدقائق كنت داخل السفارة، وببشاشته المعهودة استقلبي، وقد بدت عليه أمارات الاجهاد، فقد كان الرجل خارجا من ازمة صحية المت به الزمته الفراش بالمركز الطبي العالمي عدة ايام. وعقب انتهاء الحوار، اصطحبني في جولة سريعة علي اروقة القنصلية، ومكتب التوظيف، ومكتب رعاية المواطنين السعوديين، وهي المكاتب التي تتعامل مع الجمهور بكثافة يومية، اذ يصل حجم التعامل اليومي بما يزيد عن خمسة الاف معاملة يومية، وتمر في هدوء وسرعة بنظام الكتروني محكم، القاعات الخاصة باستقبال المترددين كبري ومكيفة ونظيفة، وفرق العمل علي درجة عالية من الاداء المميز، ومعظمهم مصريون ومصريات بجانب اشقائهم السعوديين، وفهمت منه أن جوازات السفر لأي معاملة لا تمكث بالقنصلية أكثر من 48 ساعة. الشائعات أقدم وسائل الإعلام. الاعلامي القدير محمد زيد والاذاعي بالبرنامج العام، كتب الي معلقا علي مقالي السابق حول انتشار الشائعات في مصر وكثافتها خلال العامين الماضيين، فقال: صدر مؤخراً للكاتب جان نويل كابفيري كتاب "الشائعات.. الوسيلة الإعلامية الأقدم في العالم" ويتألف من أربعة أقسام، ويبدأ بظاهرة انتشار الشائعات. فعلي الرغم من تكاثر الوسائل الإعلامية، لا تزال العامة تستقي الكثير من معلوماتها من المحادثات الشفوية، بل إن جل ما فعلته الوسائل الإعلامية الأولي، بعيداً عن إخماد الشائعات، كان جعلها أكثر تخصصاً، بحيث باتت كل وسيلة تنشر الشائعات في مجال محدد وخاص بها. الدراسات المنهجية الأولي التي تمحورت حول الشائعات كانت أمريكية، وذلك خلال الحرب العالمية الثانية وتأثيراتها السلبية في معنويات الجنود والشعب، وبرغم أن مشكلة مصدر الشائعة تستهوي العامة، فهي وللمفارقة ليست أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام. والواقع أن تعقب المصدر يدرج في إطار أسطورة ترمي إلي أن تثار الشائعة عمداً، لأن أسطورة المصدر الاستراتيجي المتواري عن الأنظار هي التي تحافظ علي استمرارها لأنها مسلية ومفيدة في الوقت نفسه، ففي سبيل إخماد الشائعات التي انتشرت خلال الحرب العالمية الثانية عمد معسكر الحلفاء إلي المبالغة في تصوير أهمية "الطابور الخامس" وفاعليته باعتباره عدواً يختبئ خلف جدراننا ومصدراً للشائعات الانهزامية.. ولعل السؤال الذي يستدعي نفسه: لماذا تتملكنا الرغبة في ترويد الشائعة؟