محمد عبدالمقصود كان الرحالة هيرودوت علي حق عندما أطلق مقولته بأن مصر هبة النيل.. هذه المقولة نشعر بأهميتها اليوم وإثيوبيا تبني سد النهضة الذي يقود مصر إلي الجفاف والظلام.. مصر بين كل دول حوض النيل بلا استثناء ليس لديها مصدر بديل للمياه سوي النيل.. وبالتالي فإن قضية مياه النيل قضية حياة أو موت. حذر الخبراء الدوليون والمحليون من تداعيات إنشاء هذا السد علي الأمن الوطني المائي لمصر.. وأكدوا ان اثيوبيا قد تبيع المياه لنا في المستقبل.. خاصة أن حصة مصر من مياه النيل حاليا لا تكفيها.. ورأينا كيف أن آلاف الأفدنة في شمال الدلتا تموت عطشا هذه الأيام لعدم توافر مياه الري.. وجزء كبير من أراضي كفرالشيخ والغربية والدقهلية يروي بمياه غير صالحة نتيجة ندرة المياه الصالحة. ويقول الخبراء إن مصر ستحتاج بحلول عام 2050 إلي 21 مليار متر مكعب اضافية فوق حصتها الحالية لسد احتياجات السكان من المياه والذين يتوقع أن يصل عددهم إلي 150 مليون نسمة.. إلي جانب ان اقامة السد علي بعد 12 كيلو مترا من الحدود السودانية علي ارتفاع أكثر من 700 متر وبطاقة تخزينية 70 مليار متر مكعب تقريبا وهو سد خرساني وليس ركاميا يهدد بكارثة وفي منطقة نشطة زلزاليا، فإنه بذلك معرض للانهيار واذا انهار لا قدر الله فإن مصير الخرطوم هو الغرق تماما ويمكن ان يمتد تأثير المياه المندفعة منه إلي السد العالي.. وبالقطع فإن الوزن الهائل من المياه المحتوية علي الطمي المحتجز أمام السد والتي يقدرها الخبراء بحوالي 63 مليار طن يمكن أن يسبب كارثة بيئية ضخمة تتمثل في تحريك النشاط الزلزالي في المنطقة.. ولذلك فإن المعلومات المتاحة مفزعة ومن الضروري ألا نهوي من خطرها الحالي وتداعياتها المستقبلية.. حيث يمكن أن يسبب انهيار السد هجرات جماعية لمئات الآلاف من الأسر في شمالي السودان وجنوب مصر.. لم يقتصر الأمر علي ذلك بل إن الخبراء حذروا من ان كمية المياه المطلوبة لملء خزان السد تحتاج إلي 70 مليار متر مكعب وخلال فترة ملئه فإن المياه الواردة إلي كل من مصر والسودان ستتقلص ويقدر الخبراء كميات هذه المياه بحوالي 15 مليار متر مكعب سنويا إذا كانت فترة الملء 3 سنوات ولهذا فإن القاهرةوالخرطوم مطالبتان بالتحرك الفوري والسريع للتفاوض مع إثيوبيا للوصول إلي تنظيم عملية ملء الخزان في فترة أطول بما يقلل من حجم الضرر المائي الواقع علي البلدين.. وذلك في حالة الموافقة علي بناء السد.. ان مصر ليست ضد تنمية أي دولة من دول حوض النيل بل تساعد كل دول الحوض بما فيها إثيوبيا للاستفادة من موارد الحوض لمنفعة كل الدول.. لكن نرضي بالقطع بأن تقطع علينا اثيوبيا المية والنور من أجل توليد الكهرباء من سد النهضة.. والخيارات المطروحة أمامنا ليست كثيرة.. ولكن كلها يمكن استخدامها كما اعلن من قبل الرئيسان السادات ومبارك.