كثير من الناس للأسف يكيلون بمكيالين.. مكيال فيما يخصهم ومكيال فيما يخص الآخرين.. تراهم يعيبون علي الآخرين تصرفات يأتونها هم ولا يخجلون، ويبيحون لأنفسهم مالا يبيحونه لغيرهم.. وعلي هذا المنوال فهم إذا تعاملوا مع أناس لا يكنون لهم مودة لم يعدلوا معهم ولم ينصفوهم، والله خالقنا ينهانا عن ذلك في قوله تعالي »ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوي واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون« »المائدة 8« ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا أي لا يحملكم بغض قوم علي ألا توفوهم حقوقهم لدي التعامل معهم. ورسول الله صلي الله عليه وسلم يحذر المجتمع المسلم أن يكيل بمكيالين »إنما أهلك الذين من قبلكم أنه إذا سرق منهم الشريف تركوه، وإذا سرق منهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي بيده لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها« هذا هو التطبيق العملي للكيل بمكيال واحد. فالكيل بمكيالين سلوك رديء سواء كان من جانب الأفراد أم من جانب الجماعات أو الدول.. فهناك من الدول ما يمارس سياسة الكيل بمكيالين في تعاملها مع الدول الأخري أو في تعاملها مع القضايا الدولية.. هذا عيب خطير يؤدي إلي زعزعة الثقة في النظام الدولي ككل، وما يترتب علي ذلك من عواقب وخيمة علي الأمن والسلام العالمي. والإنسان الذي يمارس سياسة الكيل بمكيالين لا يخجل مما يفعل، ولا يري في هذا العيب عيبا، بل يري فيه كمالا»!« وما دام المرء قد فقد الحياة فهو لا يترفع عن فعل شيء مهما كان هذا الشيء مرفوضا أو مستهجنا، وفي الأثر »إذا لم تستح فاصنع ما شئت«. العدل مطلوب كما يوجهنا ربنا حرصا علينا »إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون« »النحل 09«. ولو لم يكن العدل بهذه الأهمية لما تصدر الآية الكريمة، والتي تأمرنا بأشياء وتنهانا عن أشياء أخري، فالله جل جلاله لم يتركنا سدي بلا توجيه رحمة بنا، فلا ينبغي ان نغفل عن العمل بما جاء بها من أوامر ونواه، إن عملنا بها أفلحنا في دنيانا، وفزنا في أخرانا بجنات النعيم والخلود فيها الي أبد الآبدين.