علي تلميذ مُجد في دراسته يعشق لعبة استغماية منذ عرف كيف يكون اللعب مع أبيه واخوته ، أصبح اليوم في الصف السادس الابتدائي ، ومازال يمارس طقوس لعبته اليومية مع اصحابه . لأنه يري فيها امتدادا لرغبته في أن يصبح من رجال الشرطة ، ففي مفهومه ما هي إلا صراع بين رجل البوليس والخصم المختبئ خلف الجدران ، هكذا تعلم الاختباء والبحث عنه ، اليوم يأتي وافد جديد علي فصله ، عاش القادم سنوات عمره الاولي في بلاد الغرب ، أطلق عليه منذ اللحظة الاولي لرؤيته اسم - رفيق -، وجد رفيق صعوبة في التواصل مع زملائه ، ولكن عليّ بنباهته استطاع أن يضم رفيق إليه خاصة وأن طريق عودتهما واحد ، فقد أصبحا جيرانا بالسكن ، انضم رفيق إلي فريق اللعبة (لعبة الاستغماية ) ووجد فيها كل منهما لغة للتواصل السريع حتي استطاع رفيق أن يتقن بعض الكلمات العربية ، كما أتقن فن اللعبة من الاختباء حتي لا يتمكن أحد من الامساك به ، خاصة وأن طريق العودة من المدرسة يمر بالعديد من الشوارع الجانبية المفتوحة علي بعضها و التي تطل علي ميدان فسيح ، يمارسان فيه اللعبة بسهولة حتي يصلا إلي منزلهما بسلام ، وقد اعتادا القيام بذلك يوميا ، حتي حبب عليّ لرفيق أن يكون شرطيا مثله في المستقبل ، وحتي لا يفترقا أبدا ، ومع مرور الايام عرف رفيق معني أن يعيش في مصر وما كان يفتقده في غربته من حميمية المعيشة والصداقة الجميلة التي جمعت بينه وبين عليّ ، وأقسم كل منهما ألا يفرق بينهما سوي الموت .. لم يكن عليّ ورفيق بهذا القسم الطفولي علي علم بما سيحدث لهما فاليوم غير كل الأيام ، الشوارع مزدحمة وهرج ومرج في كل الشوارع التي يمران بها ، تشبث كل منهما بالآخر ، فلا لعب اليوم ولا استغماية ، المهم أن نعود بسلام ، هكذا قال عليّ لصاحبه ، اشتد بهما الخوف لما رأياه من مشهد أرعبهم وحطم آمالهم وغير رؤيتهم للمستقبل وما يحلمون به ، ما كل هذة العربات وما كل هذه الجنود في زيهم الأسود؟ تساءل رفيق، رد عليّ انهم رجال الشرطة. الآن نشعر بالأمان في وجودهم ،لا تقلق يا رفيق ، هيا نسير بسرعة حتي يستطيع رجال البوليس تهدئة هذا العراك، ولكن لم يتسن للأصدقاء فرصة للانطلاق إذ باغتهما أحد الرجال من أصحاب الزي الاسود بضربة أسقطت رفيق علي الارض بلا حراك . ارتمي علي فوق جسد صديقه يحميه بجسده الصغير ، وأحاط برأسه الصغير ألف سؤال لم يعرف اجابة لها ، استطاع أن ينتزع صاحبه من بينهم وعاد به إلي منزله وهو يقسم ألا يعود إلي لعبته (لعبة الاستغماية) فاليوم سقطت لعبته مع سقوط صاحبه .