شئنا أم أبينا فقد أصبحت الدراما التركية أمراً واقعاً في حياتنا ووجبة أساسية لدي المشاهد المصري الذي يحرص علي متابعتها عبر الفضائيات المختلفة خاصة في ظل تراجع الانتاج الدرامي المحلي.. وبدلاًمن أن نحاول دراسة هذه الظاهرة الوافدة والتفوق عليها اكتفينا بالصراخ والعويل لمنع عرضها.. وفي هذا التحقيق نطرح سؤالاً: لماذا لا نستفيد من هذا الانتشار التركي عن طريق »دبلجة« أعماله باللهجة المصرية التي بدأت تتواري أمام اللهجة السورية وأيضاً حتي نتيح فرص تشغيل أمام فنانينا الذين يعانون من البطالة عن طريق الاستعانة بأصواتهم.. خاصة أن هناك تجربة مماثلة في الماضي عندما قدمنا الفيلم الهندي الكبير »من أجل ابنائي« بصوت سميحة أيوب وفؤاد المهندس. لن تنجح أوضحت الفنانة سميرة أحمد أن فكرة دوبلاج الدراما التركية بالمصري محكوم عليها بالفشل واستشهدت بالمسلسل الهندي الذي يعرض حالياً علي إحدي الفضائيات وهو »جسر الهوي« وتقول: الناس تعودت علي سماع اللهجة السورية، فترسخ في أذهانهم ان الفنان الفلاني »كمهند« مثلا يتكلم بهذا الشكل، فحينما نغير كلامه واللهجة المستخدمة ستكون بمثابة الصدمة للمشاهد وبالتالي لن يستوعبها، وأنا شخصياً شاهدت بعض حلقات المسلسل الهندي »جسر الهوي« ولم أحسه، فالعيب والخطأ هنا أن الممثل يرتدي الزي الهندي ويتحدث المصرية وهو ما يصعب علي المشاهد التأقلم معه.. وتضيف: التركي صدقناه إلي حد ما لان »فيهم كثير مننا« من حيث الملابس وايضاً التقاليد وبالتالي صدقناهم واعتقد أنه لو كانت البداية مع الدوبلاج المصري قبل ان نعتاد علي السوري لكان من الممكن التأقلم معه. المصري ممنوع ويتفق المخرج محمد فاضل مع هذا الرأي مؤكداً أن التجربة محكوم عليها بالفشل ويري ان المسألة ذات بعد فني وآخر علمي ويقول: اعتقد أن الفكرة غير مرحب بها لسبب أولاً أن موضوعاتها غريبة عنا، فيجب ان نتركها علي نفس القدر من الغرابة حتي في الصوت »اللهجة الشامية«، وأن نشاهدها كدراما اجنبية وليست محلية، خاصة أن كثيراً من سلوكياتهم ليست موجودة بالمجتمع المصري وغيرمستحبة، وإن وجدت تكون علي استحياء فأنا اشاهدها كدراما أجنبية فقط، ويواصل: كما أن المسألة تحمل بعداً آخرا وهو التناقض بين الحدث والحوار، وأوضح أن تجربة الدوبلاج كان قد خاضها المخرج الراحل أحمد كامل مرسي في فترة الأربعينيات مع بعض الافلام الاجنبية لكنها لم تنجح وبالتالي إذا ما تمت دبلجة المسلسلات التركية بالمصري اشك ان يتابعها احد، خاصة أن الدوبلاج لن يتم فيه الاستعانة بنجوم معروفين!! خطوة ضرورية وعلي النقيض تري الإعلامية سناء منصور أن هذه الخطوة قد اصبحت أكثر الحاحاً وخاصة في ظل تراجع الدراما المصرية انتاجاً ومضموناً واشارة الي أن الاعجاب الذي حظيت به الدراما التركية في الفترة الأخيرة شيء لافت للنظر جداً، لان الناس تبحث عن الجديد، كما انه جزء من تقاليد مجتمعهم شبيهة بنا، وقد ساهمت الدراما التركية في شيوع اللهجة السورية واصبحت مفهومة لدي الكثيرين واصبحت الآن تنافس المصرية علي مستوي الشعوب العربية وتوضح أن الملاحظ علي المسلسلات التركية أن اللهجة السورية المستخدمة فيها اسهل من المستخدمة في المسلسلات السورية نفسها وهو نوع من الذكاء حتي يرتبط بها المشاهد.. وأكد أن الدراما التركية اصبحت أمرا واقعا فرض نفسه علي مصر، فلماذا نفعل مثل »النعامة« ونقول انها تحارب الدراما المصرية، فليس مطلوباً ان اقضي علي الدراما التركية أو أمنع عرضها لكن المهم ان نحاول التفوق عليها، ولماذا لا نستفيد بهذا الانتشار ونعمل دوبلاج مصري بشرط دراسة الموضوع جيداً مثل السوريين لنحقق لها النجاح وبالتالي نستفيد من كون لغتنا محبوبة في العالم.. وعن الاستفادة بالاصوات الإذاعية التي ارتبط بها المستمع في دبلجة الدراما التركية تقول سناء منصور: بالطبع لا، يجب ان يكون الصوت لديه قدرة علي التعبير الدرامي ويجيد الاداء التمثيلي، وليس مجرد صوت إذاعي »حلو وخلاص«. ياريت ويري الناقد د. وليد سيف ان خوض التجربة في حد ذاته ودبلجة الدراما التركية بالمصري شيء مفيد ويقول: »ياريت« نتجه لدبلجة الدراما التركية بالمصري ووارد أن تأخذ التجربة بعض الوقت حتي يتأقلم معها المشاهد، وإنما كل شيء بالتعود، خاصة أن فكرة الدوبلاج عموماً بعيدة عن ثقافة المشاهد المصري فعلينا ان نجربها ونعود الناس عليها.