من الطبيعي أن يدور الجدل الدائر حاليا حول التحرك لوضع الضوابط علي تبادل وتناقل رسائل الS.M.S التي يتناول بعضها أخبارا مجهولة المصدر وغير صحيحة وشائعات يترتب عليها اشاعة البلبلة والفتنة خاصة ما يتعلق منها بالوحدة الوطنية وأمور الأمن الوطني. ان أي متابعة للدستور والقوانين العامة والقوانين الخاصة بالصحافة ونقابة الصحفيين تؤكد علي هذه الضوابط التي تنحصر في توافر المصداقية والأمانة وعدم المساس بالوحدة الوطنية وقضايا الأمن الوطني ودون التعرض في نفس الوقت لحق المواطن في المعرفة وممارسة حرية التعبير المكفولة بحكم القانون. وليس معني تطبيق هذه الضوابط التي تستهدف التصدي للانحراف بهذه الخدمة نحو التسيب . ليس معني هذا فرض أي رقابة علي هذه الرسائل والتي يعنيني منها تلك الاخبار ذات الطابع الصحفي والذي تتولاه مؤسسات وشركات صحفية تمارس نشاطها بتراخيص من المجلس الأعلي للصحافة وبصورة قانونية تماما. وكما هو ثابت فإنه ليس هناك مجالا لإغلاق هذه الصحف المرخصة علي ضوء تجربتها في نشر ما تريد دون أن يتعرض لها أحد إلا في إطار ما يقضي به القانون وميثاق الشرف الصحفي . ان أي محاسبة لأي خروج عن هذه القاعدة لا يتم إلا عن طريق القضاء أو عن طريق تدخل نقابة الصحفيين. وأنني كصحفي أمارس هذه المهنة من سنين طويلة وعاصرت عصورا متعددة استطيع أن اشهد انني وعلي مدي العقود الثلاثة الأخيرة سواء وأنا اتولي مسئوليات تحريرية في صحيفة »الاخبار« أو ككاتب فيها أنه لم يحدث ان تعرضت لأي تدخل لما أكتب أو ما يُكتب في الصحيفة علي الاطلاق. وأذكر بهذه المناسبة انه عندما كان احد كبار المسئولين يشكو للرئيس مبارك مما ينشر في الصحف من نقد أو تهجم كان رده عليه: ليس أمامكم سوي اللجوء إلي القضاء لإنصافكم إذا كنتم علي حق. إذن فلا محل للخوف من أي ضوابط باعتبار أنه لا أحد في الدولة يمكن ان يجرؤ علي مخالفة الدستور والقانون. كما ان لا التطورات ولا الزمان يسمحان بالرجوع بالزمن إلي الوراء باعادة فرض أي نوع من الرقابة علي ما ينشر في الصحف من اخبار صحيحة صادقة . لقد اصبح من المستحيل تبني هذا السلوك في وقت تحول فيه العالم إلي قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات. وفقا لهذه المستجدات التكنولوجية فإن ما لا ينشر في صحافتنا سوف ينشر في صحف العالم الأخري وأيضا من خلال الفضائيات التي أصبحت تدخل كل بيت في مجاهل الريف والصحراء. لابد ان يدرك مستخدمو الانترنت ان هناك مسئولية وقيما لابد من مراعاتها وان امن الوطن وصالح المجتمع لا يجب ان يكون فريسة للاثارة العنكبوتية. وفي هذا الاطار هناك محاولات للوصول الي ميثاق شرف تشريعي يساهم في بحثه.. المجلس الأعلي للصحافة مع وزارة الاتصالات. انه يستهدف تحديد هذه المسئولية وبما يضمن الا تكون هذه الرسائل التي تستخدم فيها مواقع الانترنت مجردة من المصداقية ومُسخرة لخدمة أغراض غير سوية بعيدة كل البعد عن تحقيق صالح امن واستقرار المجتمع. من الضروري ان يدرك الجميع ان هذا التوجه ليس دعوة للحجر علي اراء او لمنع »أخبار« صحيحة ولكن الهدف اغلاق الباب امام استخدام التكنولوجيا الالكترونية في اشاعة البلبلة التي تهدد الصالح العام للمجتمع.. انطلاقا من هذا الواقع يجب أن أقول ان الصحفيين والكُتاب الشرفاء سوف يقفون بكل قوة ضد أي خرق لحرية التعبير تعزيزا لحق الرأي العام في المعرفة القائمة علي الصدق والأمانة.