أعلن الأخضر الابراهيمي، المبعوث العربي والدولي إلي سوريا، انه لا يري نهاية قريبة للحرب الأهلية الدموية في سوريا، وأن تسليح المعارضة ليس حلا للأزمة. وأكد الابراهيمي ان الوضع الميداني هناك سيئ للغاية ويزداد سوءا دائما. يجيء هذا التصريح.. ونحن في العام الثالث للثورة السورية، وبعد سقوط حوالي مائة ألف قتيل في المعارك الجارية هناك، إلي جانب مئات الآلاف من المصابين واتساع رقعة الدمار والخراب في كل مكان، وفي وقت تواجه فيه المساعدات الطبية والإنسانية، التي يقدمها المجتمع الدولي، الكثير من الحواجز والقيود مما يفرض علي ملايين السوريين ظروفا بالغة القسوة. ونحن في مصر.. كنا ومازلنا نعتبر الأشقاء السوريين دائما رفاق السلاح، ولا ننسي أننا حاربنا معا في حرب أكتوبر، وبالتالي لا نستطيع أن نتخذ موقف عدم الاكتراث ازاء المأساة التي يعيشها الشعب السوري الآن. ماذا سيكون حال مصر مع استمرار حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.. ومع كوارث تفتح الباب أمام تقطيع أوصال سوريا إلي كيانات يقولون في أمريكا انها ضرورية لتكوين فيدرالية تحمي حقوق الأقليات! وتطلق نزاعا طائفيا في المنطقة لأجيال مقبلة. وماذا سيكون حال مصر.. إذا حدث ان تفتتت سوريا إلي طوائف من السنة والعلويين والاسماعيليين والدروز والمسيحيين والأكراد والتركمان والشراكسة واليزيديين والارناؤوط والأبخاز.. أي مجرد »تجمعات« لأقوام متناحرة؟! سوريا تواجه بالفعل خطر التمزق وتدمير نسيج المجتمع السوري، وخاصة بعد انقسام المعارضة إلي عشرات الفصائل وسيطرة تيارات تراهن علي الخارج، وزيادة احتمالات تحول سوريا إلي قاعدة اقليمية لجماعات متطرفة وإرهابية. ومعلوم أن »جبهة النصرة« السورية ترتبط بعلاقات مع تنظيم »القاعدة« في العراق ومنظمات إرهابية في باكستان. ويتسع الآن نطاق التدخلات الخارجية بالتفاهم مع بعض التنظيمات المعارضة المسلحة. وها هو »الشيخ« معاذ الخطيب، الذي نصبته دولة قطر ممثلا لسوريا في القمة العربية في الدوحة، وقدمت له سفارة بعد يوم من تقديم مقعد سوريا في الجامعة العرية لشخصه.. هذا »الخطيب« يعلن انه طلب من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نشر مظلة صواريخ »باتريوت« الأمريكية في شمال غربي سوريا.. ومازال الرجل ينتظر رد حلف الأطلنطي علي مطلبه! وها هو »غسان هيتو« المواطن الأمريكي منذ أكثر من عشر سنوات يتولي، بقرار من قطر، رئاسة ما يسمي بالحكومة الانتقالية السورية! ومعروف انه مفروض من جماعة دينية متطرفة سبق لها السيطرة علي »المجلس الوطني السوري«. وكل منهما الخطيب وهيتو لا يتمتع بأغلبية في الشارع. القضية السورية تخرج الآن من أيدي جميع أطراف الداخل لكي توضع في أيدي الخارج في وقت يجري فيه تنافس عربي علي »الغنيمة« السورية. ولسنا في حاجة إلي القول بأن التضحيات الغالية التي قدمها السوريون طوال أكثر من عامين لم تكن تستهدف احلال ديكتاتورية مذهبية متطرفة وقمعية مدعومة من الخارج محل ديكتاتورية أقلية حزب البعث. من هنا، فإن السوريين لا يريدون التغيير لكي يجدوا أنفسهم في ظل نظام حكم أكثر عدوانية ووحشية وشراسة وتطرفا. ومن هنا أيضا أعلنت قمة دول »البريكس« بمدينة دوربان (بجنوب افريقيا)، التي تضم البرازيل والهند وروسيا والصين وجنوب افريقيا، رفضها لعسكرة الأزمة في سوريا ودعوتها إلي حل سياسي.. حقنا لدماء السوريين. كلمة السر: توحيد المعارضة الوطنية علي أساس برنامج ديمقراطي.