أحمد سعد.. عبقرى بالرسم بالكمبيوتر رغم اصابته بمرض التوحد تحذيرات من «الولادة بالعيادة» وغياب التشخيص المبگر .. وتشير الدراسات إلي أن نحو 13٪ من مواليد مصر معاقون، وتزيد النسبة لدي الاطفال الأكبر سنا، وهي نسب عالية مرشحة لزيادة مطردة طالما ظلت الاسباب نفسها قائمة دون استراتيجية واضحة لمحاصرتها قبل ان يتحول الأمر إلي ظاهرة تهدد المستقبل، وتعمل علي المزيد من تقويض الثروة البشرية في مصر.. وتتعدد الاعاقات من نفسية إلي ذهنية وحركية وسمعية وبصرية وهي نتاج تمازج غريب بين قصور طبي وبحثي مع ملوثات بيئية واخطاء مجتمعية وسلوكية تشكل معطيات المعادلة المختلة التي تتفاعل لتنتج طفلا معاقا يضيف رصيدا سلبيا لمجتمع يتطلع للنهوض. وينبه المتخصصون عبر هذا »التحقيق« إلي خطورة القضية التي تستلزم علاوة علي النهوض بأجهزة الدولة المعنية، ثقافة مجتمعية وطبية تبدأ بفحوص ما قبل الزواج ومحاذير الحمل والولادة مرورا بوسائل التشخيص المبكر وطرق العلاج وصلا إلي مسئوليات الدولة في جميع المراحل. ويشير الدكتور إيهاب رجاء أستاذ الوراثة الاكلينيكية ورئيس قسم بحوث الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث إلي ثلاثة اسباب رئيسية تقف وراء إعاقات الاطفال أولها العامل الوراثي وينتشر في مصر ومنطقة الشرق الاوسط وأشهر الامثلة علي ذلك النوع الامراض الوراثية ذات الصفة المنتخبة التي تنتج عن زواج الاقارب، وقد يكون الأب والأم سليمين في الظاهر ولكن كل منهما يحمل نسخة واحدة من الجين المسبب للمرض فإذا اجتمعت النسختان معا تظهر صفات المرض علي المولود مثل أنيميا البحر المتوسط والاعاقات الذهنية وامراض التمثيل الغذائي التي تؤدي بدورها إلي إعاقات عصبية وجذعية وذهنية. أما القسم الثاني فيشمل الاسباب المكتسبة وأشهرها الممارسات غير الآمنة في الحمل والولادة مثل قيام طائفة من الاطباء معدومي الضمير بمخالفة ميثاق المهنة واجراء عمليات التوليد داخل العيادات الخاصة وهي غير مجهزة وقد ينتج عنها قصور أو نقص في وصول الاوكسجين إلي مخ الطفل الوليد، ويزداد الامر سوءا لعدم توفر حضانات كافية لاستقبال المواليد وهناك علامات انذار مبكر تظهر علي الطفل خلال الشهور الاولي للولادة مثل الخمول وكثرة البكاء وبعد ستة اشهر تظهر تقلصات عديدة في عضلات الطفل وتتيبس المفاصل مما يؤدي إلي إعاقة كاملة وصرخات عصبية لا إرادية وتشنجات. ويأتي القسم الثالث نتيجة تفاعل بين العاملين الوراثي والبيئي وينتج عنه اضطراب التوحد وصعوبات التعلم في المدارس وإعاقات ذهنية وبدنية ناتجة عن الملوثات البيئية من المعادن كالزئبق والرصاص والالومنيوم وتؤدي إلي إصابة الكبار بالزهايمر. كيف نتجنب الإصابة وينبه الدكتور إيهاب رجاء إلي ان هناك وسائل اكتشاف مبكر لمثل هذه الامراض قبل وقوعها منها إجراء فحوص ما قبل الزواج والاستشارات الوراثية تجنبا لاحتمالات إنجاب اطفال معاقين.. واتباع سبل التعذية السليمة للامهات الحوامل حيث يتعين عليهن تناول الطعام الصحي كالخضراوات والفواكه الطازجة والابتعاد عن الوجبات السريعة الجاهزة حرصا علي سلامة الدم من اي نقص مثل حامض البوريك وهو أحد مكونات فيتامين »ب« ويؤدي نقصه في دم الأم الحامل إلي مجموعة من الامراض الخطيرة للمولود مثل تشوهات القناة العصبية واستسقاء الدماغ وتشوهات التكوين الجنيني لغرف القلب والاوعية الدموية الكبري.. ويؤدي نقص حمض الفوليك في دم الأم إلي أمراض التوحد والشفة الارنبية وسقف الحلق المشقوق. وهناك طرق للتشخيص المبكر عند الاشتباه في اصابة المولود بأي من هذه الامراض وتنصح الاأرة بالبحث عن اطباء متخصصين في مجال الاعاقة حيث يتم الكشف الدقيق ومعرفة التاريخ المرضي للأسرة واجراء الفحوصات الميسرة والتحاليل المعملية والاشعة التشخيصية مثل الموجات الصوتية علي القلب واشعة الرنين المغناطيسي أو المقطعية علي المخ، ورسم المخ الكهربائي وتخطيط العضلات.. تأتي بعد ذلك مرحلة العلاج الدوائي وغير الدوائي مثل برامج تنمية المهارات المعرفية والسلوكية والاجتماعية للطفل بداية من سن ثلاثة شهور باستخدام برنامج »البورتاچ« ويركز علي كيفية تواصل الأم مع طفلها.. وبرنامج العلاج الطبيعي لتقوية العضلات وتحقيق التوازن عند المشي.. وبرنامج العلاج الوظائفي لتنمية مهارات العضلات الدقيقة مع تنمية المهارات اللغوية عن طريق اللعب بين الطفل وأمه. المستشفيات غير مؤهلة ويؤكد أحمد الحيت مسئول ملف الاعاقة باتحاد الاطباء العرب ومدير ادارة التحكم الصحي بالمجلس القومي لشئون الاعاقة أن الاحصاءات تشير إلي أن نسبة تتراوح من 10 إلي 13٪ من المواليد المصريين معاقون إعاقات مختلفة منها الحسي والسمعي والبصري والحركة مثل الشلل الدماغي والتوحد ونقص الاطراف والشفة الارنبية و الطفل المنغولي وخلل الكرومزومات.. ويضيف ان المستشفيات الحكومية والخاصة غير مؤهلة لاستقبال هذه الاعاقات نظرا لغياب ثقافة استقبال الطفل عن طريق متخصصين في علاج الاطفال والمفروض مهنيا ان يقدم اخصائي الاطفال بالفحص والتشخيص المبدئي بمجرد الولادة. ويضيف ان الحكومة مطالبة بتدارك هذا الامر في المستشفيات وتوفير آليات فحص المقبلين علي الزواج وتوعية الأسر التي لديها طفل معاق بكيفية التصرف، فالطفل له حقوقه الانسانية واحتياجاته وينبغي للأسرة تدارك وسائل احتضانه واكتشاف مواهبه وتنمية مهاراته المعرفية ويشير إلي أن اخطاء التشخيص المبدئي علي الطفل نتيجة ضعف الكوادر الطبية تؤدي إلي كوارث. تكنولوجيا المعاقين ويشير الدكتور سعيد عز الدين مدير ادارة الاعاقة والمسئولية الاجتماعية باتصالات مصر إليأن وسائل ربط الاطفال المعاقين بالتكنولوجيا مثل تحويل »الموبايل« لينطق الارقام والرسائل الواردة للمكفوفين وهي خدمة تسمي »اتصالات مسموعة« وهناك خدمة اتصالات »رؤية تصويرية« للصم والبكم بحيث يستطيع المستفيد استخدام لغة الاشارة عن طريق »الفيديو كول«.. وسوف تقيم وزارة الاتصالات أول ابريل المقبل مؤتمرا لمناقشة سبل دعم ذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق التكنولوجيا. العلاج يبدأ بالأسرة وتقول الدكتورة هبة صبري طبيبة الاطفال بالعيادة الخارجية لمستشفي العباسية للصحة النفسية إن العلاج النفسي الذي يبدأ من الأسرة هو خط الدفاع الاول عن الطفل قبل العلاج الدوائي ومن اكثر الامراض التي يتعرض لها الطفل فرط الحركة الذي يسبب ازعاجا للأسرة والمدرسة وهو ما يتطلب جلسات علاجية علي مدار الاسبوع للأسرة نفسها بهدف توعيتها بمرض طفلها وتدريبها علي كيفية التعامل معه. واضافت ان معاقبة الطفل بضربه هو خطأ شائع في مجتمعنا، وللاسف يأتي إلينا بالمستشفي اطفال حالتهم تصل إلي درجة التعذيب داخل بيوتهم علما بان منع الطفل من الوسائل التي تأتي بنتائج إيجابية.. فكلما تحدثت الأم مع طفلها عن إيجابياته وحياته وانه طفل لطيف ومحبوب كلما حاول الطفل ان يصل بالفعل إلي تلك الصورة الايجابية في سلوكياته مع افراد اسرته واصدقائه وزملائه بالمدرسة. وتضيف قائلة: في اليوم الواحد يرد إلينا بعيادة مستشفي العباسية 15 حالة من الاطفال المرضي إلي جانب متابعة من 50 إلي 60 حالة في الاسبوع.. وهي خدمة يقدمها المستشفي بأجر عشرة جنيهات فقط.. والغريب ان أسرة الطفل تظل رافضة لتقبل فكرة ان طفلها مريض نفسي، رغم ان المرض النفسي مثله مثل أي مرض من الممكن شفاؤه بشرط ان يتفهم الذين يحيطون بالمريض طبيعة مرضه وكيفية التعامل معه. أما عن اسباب المرض النفسي للطفل فتقول: إن مشاكل الأسرة من أهم الاسباب إضافة إلي الوراثة.. وافتقاد الطفل إلي الاستقرار يفقده توازنه ويجعله عرضة للاصابة بالمرض النفسي وكذلك محاولة كل من الأب والأم استقطاب الطفل مما يؤدي إلي نتائج سلبية علي الصحة النفسية للطفل وافتقاده للقيم الحميدة كالصدق والطيبة والسماحة. أحمد سعد.. طفل عبقري أصيب في طفولته وهو حديث الولادة وكنتيجة لعدم التشخيص المبكر بمرض التوحد والده يعمل استاذ بكلية الفنون الجميل.. يشتركان معاً في إعداد معرض للتصوير لعبقرية أحمد المبكرة في فن الرسم بالكمبيوتر. مستشفي العباسية يسيقبل 15 حالة يوميا لأطفال يعانون أمراضا نفسية 13٪ من المواليد معاقون.. والنسبة مرشحة للزيادة