حالة من الاستنزاف النفسي والمعنوي تمارسها غالبية وسائل الإعلام ضد وزارة التربية والتعليم ، وسائل الإعلام التي انتقلت من مربعات النقد البناء إلي مربعات هدم البناء حين أغمضت الطرف عن مهمتها الأساسية كشريك متضامن في بناء الإنسان المصري بنقل الحقائق والأحداث للرأي العام إلي صانع للأحداث أو مضخم لصغيرها بل ومفبرك لبعضها. حين فرض بعض هؤلاء صراعاً سياسياً علي وزارة التعليم ذات الحجم والعبء الضخم " 18 مليونا طالباً - 2 مليون من العاملين - 47 ألف مدرسة " وبالتالي لدينا من المشكلات ما يكافئ هذا الحجم الكبير، نعم هناك أخطاء جسيمة لكنها نتاج سنوات وعقود طوال شارك فيها الجميع دون استبعاد أحد وبالتالي تحتاج لسنوات ، بعضها لوقف نزيف الانهيار والتراجع وبعضها لبداية البناء ، بعض وسائل الإعلام تركت غالبية الكوب المليان وتفرغت للجزء الفارغ بشواهد ودلالات منها : الوزارة تكرم يومياً مئات الفائقين والفائقات في كل العلوم والفنون والأنشطة علي مستوي المدارس والإدارات والمديريات "هناك حفل تكريم أسبوعي ثابت بديوان عام الوزارة كل يوم سبت " والإعلام لا يري إلا الطالبة التي كرمت بالفعل لكن لم يلتقط لها صورة فأقام الدنيا ولم يقعدها حين استدعي علي غير الحقيقة أنها لم تكرم لأنها غير محجبة ! خلفيات سياسية الوزارة ليست طرفاً فيها مئات الآلاف من البرامج الإذاعية والحوارية في عشرات الآلاف من المدارس يشارك فيها الملايين من الطلاب والطالبات ، والإعلام لم يري إلا طالبة الثانوي التي ألقت قصيدة نالت فيها من شخص الرئيس ما استدعي منعها من استكمال الإساءة لا حرية التعبير ، فأقام الدنيا ولم يقعدها متباكياً علي تكميم الأفواه وقصف الأقلام والادعاء كذباً بفصل الطالبة وهو ما لم يحدث ولن يحدث أكثر من مليون معلم يقومون بواجبهم الوطني والوظيفي يومياً وفي ظروف غير طبيعية وأحياناً غير إنسانية ، والإعلام لم يري إلا هذا المعلم أو ذاك ذ آحاد المعلمين - الذي نهر أو ضرب أو عنف تلميذه رغم اتخاذ الوزارة كل الإجراءات القانونية العادلة مواقف مشرفة وحاسمة من الدكتور غنيم إنصافاً للمعلم ودعما لحقوقه المشروعة والعادلة خاصة عند حدوث أي تجاوز ضده ، فقد اعلن الوزير تضامنه الشخصي والوظيفي مع معلمة بني سويف التي اعتدي عليه احد مستشاري هيئة قضايا الدولة "صرح الوزير انه سينصفها ولو كلفه هذا منصبه" وبالفعل نفذ ما وعد عندما احال الموضوع لمجلس الوزاراء والنائب العام وهيئة قضايا الدولة ووزير العدل ، لكن بعض الإعلام المتبني سياسيا بعض ائتلافات المعلمين استدعي الحدث مبتوراً حين ذكر الواقعة من باب امتهان كرامة المعلم في عهد غنيم ولم يذكر الإجراء القانوني الذي اتخذه الوزير والوزارة عشرات الآلاف من أوراق الأسئلة الامتحانية في كل ربوع مصر بذل فيها الوقت والجهد والمال ، لكن هناك سؤال ما - مع اختلاف وجهات النظر فيه ذ يقيم الإعلام الدنيا ولا يقعدها علي تسييس التعليم وأخونة الامتحانات لدرجة تفقد الثقة في كل شئ وتضع الجميع في الزاوية أمام سهام الإعلام الطائشة اعتداءات بالجملة علي المدارس بالنهب والحرق والسلب "أكثر من 60 مدرسة بخسائر بلغت الملايين " و بعض الإعلام مازال يري أن التتار الجدد الذين حرقوا وسرقوا المدارس معارضة مشروعة وتعبير عن الرأي في رفض النظام والرئيس والحكومة أداء غير عادي داخل المراكز البحثية للوزارة في تطوير المناهج وفقاً للمعايير القومية والعالمية وكسر للاحتكار السابق للتأليف والطباعة ، والإعلام لا يري إلا وهم وسراب أخونة المناهج والحذف الوهمي لصور غير المحجبات رغم التوضيح المتكرر والتكذيب الدائم لهذه الأوهام لكن للآسف البعض مازال مصراً علي الرؤية من وراء الحجب والتنبؤ بالغيب ترشيد للإنفاق لم يحدث في تاريخ الوزارة " توفير 1.5 مليار جنيهاً" ومحاصرة للفساد ومواجهة له وكأننا في معارك مقدسة ، والإعلام لا يري إلا الدفاتر القديمة الذي كان بعضهم شريكاً فيها يحاسبنا بها ويحاكمنا عليها وأخيراً .. رغم قسوة الواقع وكثرة التحديات وندرة الفرص إلا أننا نوقن أنها فترة طارئة في حياة الوطن الحبيب والشعب العريق سنتجاوزها اليوم أو غداً ... حفظك الله يا مصر ... كاتب المقال: المستشار الإعلامي لوزير التربية والتعليم