اعود بالذاكرة إلي أكثر من نصف قرن عندما كنت ضابطا مهندسا بالقوات البحرية وكانت أول رحلة لي متجهين إلي مالطا، واتذكر ضابط الملاحة ملازم غالب ونحن نقترب من مالطا وقد ظهرت علي الافق وقال مفتخرا ها هي الجزيرة امامنا مباشرة، وكان مستعينا بالملاحة الطريقة التقليدية القديمة وهي الرصد بالسكستان، او ما كان يعرفه العرب بالاسطرلاب، ولكن الملاحة البحرية الحديثة تعتمد علي اجهزة ما يسمي بGBS وهي اجهزة اليكترونية تستعين برصد موقع السفينة بالاقمار الصناعية، وذلك بنسبة خطأ بعض الامتار القليلة. اما ما حدث في النهر فإنه بدا منذ حوالي عشر سنوات عندما قدمت الحكومة الهولندية منحة وذلك لعمل مسح للاعماق لمجري النهر - حيث كان اخر مسح له في الثمانينيات - مع اعطاء وحدة المسح للاعماق لهيئة النقل النهري، وذلك تمهيدا لاجراء هذا المسح بصفة دورية تمهيدا لاجراء تعميق النهر لعمق 2.2 متر ووضع علامات ارشاد مضيئة بطول مجري النهر مع امكانية الابحار ليلا ونهارا، اذكر وأنا أتابع هذا الموضوع في هيئة النقل النهري مع الخبير الهولندي مندوب شركة RESINEX الهولندية الموردة لاجهزة الارشاد التي ستركب علي الشمندورات والتي تم تصنيعها محليا، ذكرت له انه هذه المهمات سيتم سرقتها بسهولة، ولكنه اكد لي انه سيتم تركيب اجهزة مضادة للسرقة ANTITHEFT علي الشمندورات ولكن في الواقع تم ما توقعته واصبحت هذه المشكلة تسبب صداعا لاجهزة الشرطة النهرية حيث لا يمكن ملاحقتها علي مسافة آلاف الكيلو مترات. اتجهت هيئة النقل النهري بعد هذه المشاكل وظهور شحوت الوحدات النهرية وخاصة السفن الفندقية بسبب اساسي وهو خروجها عن المجري الملاحي - بالاضافة إلي ضرورة التعاون مع وزارة الري - ان تتجه الي الملاحة الالكترونية والاستعانة بما يطلق عيه DGBS وهي تحدد موقع الوحدة بنسبة +1 متر بصرف النظر عن الممر الملاحي المحدد بالشمندورات. ان هذا النظام يخضع تحت اشراف مباشر من محطتين الاولي في القاهرة والثانية في الاقصر، وفي حالة انحراف الوحدة يطلق انذارا لنتمكن من تصحيح موقعها فورا. وكذلك يظهر هذا الخطأ في المحطات السابق ذكرها مما يؤكد امكانية تصحيح هذا الخطأ. إننا نتأمل ان يكون هذا الاختيار العصري لملاحة هو بشرة خير باستعمال هذه العناصر المهمة حيث ينوي السيد رئيس هيئة النقل النهري ادخال هذا النظام في جميع وحدات نقل الركاب »السفن السياحية« وكذلك البضائع. لي ملاحظة اخيرة اذكر ان النقل النهري قد بدا يتحسن بعدا ن قامت احدي شركات النقل النهري »القطاع الخاص« ببناء عشرات الوحدات ذات التصميم الجديد الضخم من الجيل الثاني بالاضافة إلي شرائها وحدات قديمة تم اصلاحها ويبلغ عددها 62 وحدة.. هذا بالاضافة إلي ما اراه يبشر بالخير هو سيطرة وزارة الدفاع علي شركة النقل النهري »قطاع عام« والتي عانت الخسائر الهائلة لسنوات طويلة وانني استبشر خيرا بإدارة وزارة الدفاع لها حيث انها قد نجحت فيما قامت به من اعمال في قطاع النقل البحري. ومثال لذلك ادارة ترسانة الاسكندرية والتي سبق ان عانت خسائر - بسبب سوء الادارة - وصلت الي مليار جنيه هذا بالاضافة إلي الشركة المصرية لاصلاح وبناء السفن. ولذا فإنني اتوقع لها النجاح في ادارة هذه الشركة التي كانت تتوالي خسائرها علي مر السنين. يخبرني اللواء كريم ابو الخير ورئيس الهيئة العامة للنقل النهري بأن الاسطول النهري في مصر لا يستوعب اكثر من نقل 3 -4 ملايين طن فقط ولذا فإنني ادعو المستثمرين من القطاع الخاص ان يشاركوا في النقل النهري وقد يصاحبه نقل متكامل بالشاحنات.. وهو من اكبر المشاريع الاكثر ربحية طبقا لما قمت به من دراسات. ولكن اعود فاقول لهيئة النقل النهري فإن عليها ان تقوم بتجهيز البنية الاساسية للنهوض ليس فقط في المجري الملاحي وتحسين الأهوسة وإمكانية الملاحة ليلا ونهارا، ولكن بتجهيز المواني النهرية وخاصة ميناء القاهرة الكبري وهو ميناء لن تقل مساحته عن 001 - 002 فدان ليستوعب حجم النمو علي الاقل 05 - 001 سنة مقبلة، اخبرني اللواء ابو الخير انه وجد مكانا في منطقة دهشور مساحته 61 فدانا اعتقد انها لا تكفي لطموحاتنا في النقل النهري.