سيادة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، رسالتي إليكم، عبارة عن مجموعة أسئلة واستفهامات، تدور في خلد ملايين المسلمين في العالم، وأرجو أن يتسع صدركم لتقبلها وقراءتها، وأن أجد عندكم اجابات محددة واضحة وشافية. لا أظن الاجابة علي هذه الأسئلة تحتاج إلي شجاعة رئيس أقوي دولة في العالم، ولكن تحتاج إلي لحظة صدق تاريخية في مرحلة فارقة في تاريخ المواجهة أو التنافس أو الصراع بين الاسلام والغرب. دعني اذكركم في البداية بفحوي رسالة كتبتموها قبل أربع سنوات: »إلهي.. احم عائلتي واحمني، سامحني علي أخطائي، وساعدني أن أسيطر علي كبريائي ويأسي، وأعطني الحكمة لأعمل ما هو صائب وعادل واجعلني وسيلة لمشيئتك«.. كانت هذه رسالتك سيادة الرئيس التي وضعتها في شقاق حائط البراق قبل أربع سنوات، ومضيت السنوات الأربع، والآن تكررون الزيارة لنفس المكان، وربما تضعون ورقة أخري في شقاق جدران الحائط، تطلبون فيها مزيدا من الحكمة والصواب والعدل، ونحن نسألكم هل وفيتم بما كتبتم في الورقة الأولي قبل أن تطلبوا المزيد؟ سيادة الرئيس: أي درجة من الحكمة والعدل والصواب حققتم بشأن القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، في مواجهة ما حققته سلطات الاحتلال الاسرائيلي علي مدي السنوات الأربع من عمليات قتل وتشريد واغتصاب وتهويد الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ولاسيما القدسالشرقية والمسجد الأقصي بعلم وبدعم مباشر وغير مباشر من الادارة الأمريكية؟. والآن ماذا تكتبون في الورقة الجديدة؟ وما الذي سيدور بينكم وبين المسئولين في اسرائيل قبل وأثناء وبعد الزيارة المرتقبة بخصوص القضية الفلسطينية عامة والقدس والمسجد الأقصي علي وجه الخصوص؟ سيادة الرئيس لو كانت زيارتكم لبيت لحم مهد السيد المسيح علي نبينا محمد وعليه أفضل الصلاة والسلام، لقلنا انها زيارة دينية وحق لك مثل باقي المسيحيين في مختلف دول العالم الذين يحتفي بهم اشقاؤنا في فلسطين في أي وقت من السنة ولاسيما في أعياد الميلاد، ولكنك وقد أكدت مرارا اعتناقك المسيحية وولاءك للكنيسة، فلا معني لزيارتكم للمسجد الأقصي الا أن تكون زيارة سياحية، تحتاج إلي أن تستوفي شروطها - كما قال مفتي القدس السابق الشيخ عكرمة صبري - أو أنها وهو الأرجح زيارة سياسية؟ فما هي ياتري كنه هذه الزيارة سياحة أم سياسة؟ واذا كانت زيارة سياسية وهو الأرجح فإن هذا ينقلني إلي السؤال التالي: هل حانت ساعة الزلزال »كما يحلو لرجال الاستخبارات الاسرائيلية تسميته« أي انهيار وسقوط المسجد الأقصي بفعل الحفريات »التفجيرات« الاسرائيلية أسفل الحرم القدسي الشريف؟ وما هي قراءتكم لما بعد الزلزال؟ وكم عدد الضحايا وحجم الدماء التي سوف تسيل في احتجاجات عارمة في انحاء العالم الاسلامي؟ هل قدرتم بالفعل عدد القتلي والمصابين من مختلف الجنسيات، وكم منهم من المسلمين والعرب وكم منهم من الغرب والأمريكيين والاسرائيليين؟ هل صحيح أن استخباراتكم قدرت عدد القتلي والمصابين في صفوف المسلمين الغاضبين بعد انهيار المسجد الأقصي بنحو مليون خلال مظاهرات احتجاج عارمة تستمر مدة تتراوح بين شهر إلي ثلاثة أشهر وعدد القتلي والمصابين من الجاليات الغربية واليهودية ما بين الف إلي الفين؟ هل صحيح أنكم اعددتم بالتنسيق المشترك مع اسرائيل »الحل البديل« بعد انهيار المسجد الأقصي وامتصاص الغضب في الشارع العربي والاسلامي بمشروع لتقسيم أرض الحرم القدسي إلي شطرين نصف لبناء الهيكل اليهودي المزعوم والمسمي بهيكل سليمان والنصف الآخر لاعادة بناء المسجد الأقصي؟ وكالعادة هل استقر في وجدانكم أن العرب والمسلمين يثورون أو يغضبون لفترة محدودة وبمرور الوقت ينسون أو يتناسون ويرضون بالأمر الواقع؟ ألا ترون سيادة الرئيس أن مشروع السلام العربي المتواضع جدا يذهب أدراج الرياح، بفعل الصلف والتعنت الاسرائيلي، والتجاهل والتسويف الأمريكي، بينما العرب يهرولون نحو هذا السلام الوهمي، ويلقون بين ايديكم كل الثقة في أن تحولوا حلم الدولة الفلسطينية إلي واقع علي أرض فلسطين؟. أي أرض ستقام عليها الدولة التي أكدتم عليها مرارا »بالكلام فقط«، وردد العالم كله هذه النغمة وراءكم، وهل تعدون لمساومات صعبة للمساحات التي ستقام عليها في الضفة الغربية مع مساحات في القدسالشرقية يدخل فيها جزء كبير من مساحة الحرم القدسي؟ وهل نما إلي مسامعكم أن المسلمين والعرب - القادة علي الأقل - نسوا أو تناسوا القدسالشرقيةالمحتلة في زحمة المشاكل والمخاطر المحدقة بهم، وانهم ربما يقدمون لكم ولاسرائيل حاليا الوقت المناسب لفرض هذه المساومات لاستكمال مشروع التهويد؟ ودعني أحيل سيادتكم إلي سؤال صديق أمريكي لي معاتبا: هل بعتم القدس يا عرب؟ فصرخت في وجهة قائلا: من ذا الذي يملك ذلك؟ انها وقف اسلامي لا يملك أحد حق التصرف فيها وتضم واحدا من أقدس ثلاثة مساجد عند المسلمين. فهدأ من روعي وقال: ليس البيع بالمعني الذي فهمت، ولكنني أقصد أنكم تخليتم عنها حتي لكأنما اختفت من خطابكم السياسي ومن وسائل اعلامكم ومقالات وأسئلة صحفييكم رغم أنها تمر بأصعب مرحلة تحد في التاريخ، ولم يبق الا اختيار التوقيت المناسب الذي أظن أنه قد حان. سيادة الرئيس: هل خبر زيارتكم المقبلة للقدس، وربما للمسجد الأقصي، ورسالتكم المقبلة التي ستضعونها إلي جوار سابقتها بين شقوق حائط البراق يسوق سرا لمشروع التهويد وتقسيم الحرم القدسي؟ وهل قرار التقسيم المشئوم اتخذتموه بالفعل ولم يبق الا التنفيذ شاء من شاء وأبي من أبي؟