في وقت واحد، وفي يوم الجمعة الماضي، وجه القضاء العسكري الأمريكي اتهامات رسمية لخمسة من جنوده تؤكد قيامهم بقتل مدنيين أفغان بهدف »التسلية« وبتر أعضاء بشرية من جثثهم للاحتفاظ بها »كتذكار«! وفي ذات هذا الوقت نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا رسميا لوزارة الدفاع البريطانية يؤكد ان ثلاث وحدات قتالية بريطانية عاملة في أفغانستان ارتكبوا حوالي 12 جريمة قاموا خلالها بقتل مدنيين افغان من بينهم اطفال، ومسنون كان أحدهم يعاني من مرض عقلي! ولما كانت معارك القتال تفجر ظواهر غريبة من كوامن وأعماق النفس البشرية، فإن هذه الظاهرة- وهي ليست جديدة- تكررت مرارا بشكل أو بآخر خلال كل الحروب والمعارك، ومن ثم تم اخضاعها للبحث من جانب علماء النفس الذي توصلوا في النهاية إلي أن بعض الجنود المحاربين يشعرون بسعادة فائقة في الضغط علي زناد السلاح الذي يحملونه - بالانجليزية Trigger happy person- وهم يستمدون سعادتهم من هذا الأداء البائس والمستهتر، وغير الإنساني، ومن خلال هذا الأداء وحده يتصورون أنهم شجعان، وأنهم مقاتلون حقيقيون لا يشق لهم غبار.. هكذا يتصورون، ولكن الحقيقة التي يؤكدها علماء النفس وخبراء القتال تقول عكس ذلك تماما، والتحليل العلمي لهذه الظاهرة التي سادت في جميع المعارك والحروب، تؤكد أن ارتكاب هذه الجرائم، وتلك المذابح، إنما مرده شعور بالخوف يكمن في أعماق مرتكبي هذه الجرائم وأنهم في إقدامهم علي قتل المدنيين- غير المقاتلين وغير المسلحين- يتصورون أنهم قادرون علي مجابهة المقاتلين الحقيقيين وتحمل جميع الضغوط التي تفرضها المعارك الحقيقية.. وبئس ما يتصورون فقد اثبتت الخبرات والتجارب أن أمثال هؤلاء لا يقدرون علي المعارك الحقيقية، ولا يصمدون في أي حرب.. ليس فقط لأنهم يفتقرون إلي »الشجاعة« الضرورية واللازمة، ولكن أساسا لانهم يفتقرون إلي »الشرف« الذي هو حجر الزاوية في شخصية المحارب، والجندي المحترف!