هل يمكن بقاء الحال الاقتصادي علي ما هو عليه؟ وهل يحتمل الاقتصاد المصري الضغوط والأعباء الواقعة عليه وخاصة بعد خفض التصنيف الائتماني للمرة السادسة بحيث وصل إلي B3 من B2 وهو مؤشر علي وصوله إلي حافة الخطر؟ وكيف يكون الخروج من الأزمة المتفاقمة وإيقاف تراجع الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي ووضع حد لتراجع الاحتياطي النقدي؟ إن مؤشرات الخطر تبدو واضحة وخاصة بعدما قامت وكالة يوديز للتصنيف الائتماني بتخفيض السندات المصرية للمرة السادسة وقد تخفض ذلك مرة أخري بسبب عدم استقرار الوضع السياسي وتصاعد الاضطرابات والعنف وذلك يؤثر علي فرص مصر في الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي »8.4 ملياردولار«.. ومن العوامل الضاغطة تراجع حجم احتياطيات النقد الاجنبي في يناير بحوالي 4.1 مليار دولار ليصل الي 6.31 مليار دولار مقابل 40.51 مليار دولار في نهاية شهر ديسمبر. وكما يبدو فإن التخفيض الائتماني يعني ارتفاع المخاطر وبالتالي ارتفاع فائدة سندات الحكومة المصرية وما يترتب عليه من زيادة خدمة اعباء الدين، وهناك مخاطر من التصنيف القادم لأنه يضع مصر في المرتبة C وهو ما يعني انها من الدول القريبة من التعثر ولاشك أن استمرار الأوضاع السياسية والاقتصادية علي هذا الحال ينذر بكارثة علي الاقتصاد المصري.. ويرجع ذلك الي عدم القدرة علي زيادة مواردنا بسبب الوضع السياسي، خاصة ان السياحة - وهي مصدر رئيسي للدخل القومي- تكاد تكون قد وصلت الي حالة التوقف وبالتالي تراجع مصادر العملة الصعبة »وهي قرابة 01 مليارات دولار« وبالتالي لم يعد لدينا سوي مصدرين للعملة الصعبة وهما قناة السويس وتحويلات المصريين من الخارج..! ولاشك أن الحل الوحيد لتجنب تراجع تخفيض مصر الائتماني هو التوافق الوطني لإنه في ذات الوقت فإن قرض صندوق النقد الدولي صار الحصول عليه مرهونا بذلك التوافق بين جميع القوي السياسية.. وقد طلب الصندوق من مصر وضع برنامج اقتصادي ولم يفرض أي شروط ولذلك عندما تعثر برنامج الاصلاح طلبت مصر عدم عرض طلب القرض علي مجلس ادارة الصندوق لاننا لم نستطع الوفاء بالتزامنا امام الصندوق وفق البرنامج الذي وضعته مصر وبالتالي فإن الأمر يزداد صعوبة كلما تأخر تنفيذ برنامج الاصلاح، كما أن تخفيض التصنيف الائتماني يزيد صعوبة الموقف امام قرض صندوق النقد الذي يفي بثلث احتياجاتنا فقط.. وليس لمجرد الحصول علي القرض في حد ذاته ولكن لانه خطوة مهمة للحصول علي الثقة في اقتصادنا والحصول علي قروض أخري من مؤسسات مالية عالمية! ولذلك فإن وكالات التصنيف في حالة قلق حول مستقبل القرض اذا لم نستطع تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي والخاص بمعالجة عجز الموازنة العامة »من0081 مليار الي 002 مليار« عن طريق اعادة هيكلة الدعم وغيرها من المشاكل المزمنة في الموازنة فإن ذلك يبعث برسالة سيئة عن الوضع الاقتصادي امام وكالات التصنيف وبالتالي المخرج من الأزمة هو التوصل الي برنامج وطني سياسي واقتصادي يحظي بقبول وتوافق عام يعيد ثقة المؤسسات الدولية! واقولها بالمصارحة الواجبة عن واقع الحال لابد من مواجهة الموقف قبل فوات الوقت ولابد أن تدرك جميع القوي السياسية -بما فيها المعارضة والحكومة -أن الحل الاقتصادي لن يتم الا بالتوافق السياسي، وبالتالي الاستقرار الأمني لانه طالما هناك اضطرابات فان الاستثمار لن يجيء.. واذن ماهو المخرج؟ لابديل غير أن تتخلي القوي السياسية- اسلامية وليبرالية وغيرها- عن اسلوب العناد وان تتجه الي مائدة الحوار الوطني والبحث عن التوافق لان ذلك سيعطي الفرصة لوكالات التصنيف لكي تتمكن من تقييم الاقتصاد المصري واستعادة الثقة فيه.. وأيا كانت الخلافات ومحاولات الاستحواذ علي السلطة فإنها تتلاشي أمام مصير وطن يواجه كارثة اقتصادية ولابد من وضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار والمطلوب من الحزب الحاكم القيام بمبادرات ملموسة واعطاء الثقة بجديتها ولن يحدث التوافق إلا بجلوس جميع الاطراف معا والتفاهم علي الحد الأدني لانقاذ الاقتصاد من حافة الهاوية.. وكما يري الخبراء الاقتصاديون: إن تراجع الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة الي تلك النقطة الحرجة -5.31 مليار دولار- وهو مستوي منخفض يعتبر في حد ذاته بمثابة جرس الانذار والتحذير مما هو قادم لوتراجع الي 9 مليارات فإن وقتها سيكون من الصعوبة الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي وهو كارثة بكل المقاييس! ولعل الانفلات الحادث في سعر صرف الدولار يعطي مؤشرا الي التوابع المحتملة فقد وصل الي 7.6 جنيه وبينما في مكاتب الصرافة اكثر من سبعة جنيهات ولو استمر العجز علي حاله في موارد الدولار فقد يصل الانفلات الي ثمانية جنيهات.. وسوف ينعكس ذلك علي اسعار السلع الضرورية ومستلزمات الانتاج المستوردة.. ولاشك أن عدم تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي سيؤدي الي مضاعفات غير محسوبة في مواجهة صندوق النقد لاننا نكون بذلك قد وضعنا برنامجا ولم نستطع تنفيذه وهو ما يفقد الثقة!