كلنا ندرك دون شك أن مصر تمر الآن بلحظات فارقة وبالغة الدقة والحساسية من تاريخها سيكون لها بالقطع تأثير بالغ علي مسيرتها الوطنية، نحو الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التي نسعي للوصول إليها، استجابة لآمال وطموحات الشعب، وتحقيقاً للأهداف والمبادئ التي نادت بها الثورة، في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وفي هذه اللحظات الفارقة يكون لزاماً علي الجميع، حكاماً ومحكومين، الوعي الكامل بضرورة الارتفاع إلي مستوي المسئولية، وإعلاء المصلحة العامة فوق كل اعتبار، ووضع استقرار الوطن وأمنه نصب عينيه، وأن يسعي الجميع لنزع فتيل التوتر والقلق والاحتقان، وأن يكون السعي بكل الإخلاص والصدق والأمانة. أقول هذا بوضوح لا لبس فيه، مطالباً جميع القوي الفاعلة والمؤثرة علي الساحة، أن تقوم بدورها في إدارة الأزمة الحالية بكل الحكمة الواجبة واللازمة للعبور بالوطن من حالة الاحتقان السياسي التي يعيشها الآن، والوصول به إلي بر الأمان في إطار الشرعية والالتزام بالقانون الذي يجب أن يحظي منا جميعاً بالاحترام الكامل وغير المنقوص. أقول ذلك، وأشدد عليه كضرورة لازمة ولا بديل عنها، لتجنيب الوطن جميع الأخطار والاحتمالات السيئة والكريهة، التي يمكن أن يتعرض لها في ظل ما تشهده البلاد حالياً، من حالة غير مسبوقة من الاحتقان والعنف وغيبة الثقة بين القوي السياسية الرئيسية. والواجب علي كل القوي أن تسعي بكل الصدق لتحقيق ذلك، وأن تعمل بإخلاص علي إنهاء حالة الانقسام الشديدة القائمة، وحالة الاستقطاب الحادة الواضحة والظاهرة في الشارع، والتي ألقت بظلالها السلبية علي المجتمع كله، وقسمته إلي ما يشبه الفسطاطين. ولعلي لا أبالغ إذا ما قلت إن الخاسر فيما نراه الآن، من خلاف واحتقان وانقسام وعنف هو الوطن بكل فئاته وصنوفه، وبكل ما يضمه من حكام ومحكومين، وبكل المؤيدين والمعارضين. وأخيراً.. دعونا نتضرع إلي الله عز وجل أن يكتب لمصر السلامة وأن يلهمنا جميعاً الحكمة والرشاد.