فجأة أصبح حماده المواطن المسحول أشهر من نار علي علم في عصر الأقمار الصناعية ،حيث لا تكذب الصورة ،وحيث نري الحدث في نفس اللحظة وكأننا نطل عليه من مكان قريب. كانت صدمتنا شديدة وتراوحت مشاعرنا بين الغضب لعودة الوجه القبيح لممارسات الامن المركزي وبين الحزن لما حدث لمواطن مصري أيا كان ما فعله ..فالأمن المركزي عاد ليكشر عن أنيابه ويظهر عيونه الحمراء التي لا تقتصر علي قنابل الغاز المسيل للدموع والضرب بالهراوات والقبض العشوائي علي المتظاهرين ..نطقت الصورة ورأينا البيادات الثقيلة وهي تهوي علي جسد الرجل الذي تجاوز الخمسين بعد تجريده من ثيابه في الشارع ويا لها من مهانة، وتكاثر حوله جنود بلا قلب ولا ضمير ولا احترام لآدمية الانسان.. وإذا كان هذا تصرفهم في الشارع.. فكيف يعاملون من يوقعه حظه العاثر بين أيديهم ؟ إذا كان هدفهم القبض عليه كان يمكن إمساكه دون اهانته، ولكن أراد الله تعالي أن يفضح عنفهم ولم يعلموا أن هناك كاميرا ترصدهم وأن الصورة لا تكذب ..وما أشبه الليلة بالبارحة فهي نفس البيادات الثقيلة التي ركلت المتظاهرين في التحرير ومحمد محمود وهي التي مزقت ثياب (ست البنات) صاحبة العباءة ذات الكباسين وأوسعتها ضربا ولم يرحمها بعض الناس من الاتهامات السخيفة . لماذا لم تتغير عقيدة جنود الأمن المركزي بعد الثورة ؟ولماذا يتعاملون مع المواطنين بهذا العنف المبالغ فيه ؟ هل هو ثأر مبيت منذ انسحاب الشرطة في 28 يناير 2011 ورغبة في استعادة هيبتهم المفقودة؟ أم هي الرغبة في إحكام القبضة الأمنية التي أصبحت رخوة بما يهدد أمن المجتمع ؟ ألا يمكن تحقيق الأمن دون استخدام العنف المفرط ؟ أما المواطن البسيط حماده الذي اصطحب اسرته الي الاتحادية ليشاهد وربما ليشارك في المظاهرات فلقي مهانة لم تخطر علي باله رغم أنه كان مسالما ولا يحمل سلاحا واضطر تحت الضغوط لانكار ما حدث ثم تراجع أمام النيابة واعترف أن الأمن المركزي ضربوه وسحلوه علي الهواء فقد اعتذرت له الداخلية في سابقة هي الاولي من نوعها لكن الأولي تغيير اسلوب تعامل الأمن مع المواطنين .