مؤمن خليفة ما من أحد يلتقي بك إلا ويسألك : ماذا تتوقع أن يحدث اليوم ونحن نحتفل بالذكري الثانية لثورة 25 يناير؟ في الشارع يتحدث الناس .. وفي المواصلات العامة تدور مناقشات ساخنة حول المتوقع في ميدان التحرير وكل ميادين مصر .. حتي تصريحات المسئولين معظمها يدور حول تأمين الميادين تحسبا من تحول المظاهرات إلي العنف .. لماذا لا يكون جلال الذكري هو المسيطر علي أحاديثنا .. لماذا نخشي الاحتفال بذكري غالية علي المصريين .. ولماذا لم تستقر بلادنا بعد ثورة عظيمة مات فيها العشرات فداء لمصر .. ولماذا لم يظهر حتي الان الطرف الثالث الذي يختفي ولا يظهرر إلا في المظاهرات ليسيل دماء المصريين ويغتال زهرة شبابها ويزيد من فجوة الخلاف بين أبناء الوطن الواحد . بين ثورتي يوليو ويناير في هذا اليوم المجيد قبل عامين خرج شباب مصر إلي ميدان التحرير احتجاجا علي تردي الأوضاع .. احتجاجا علي فساد نظام ظل يجثم علي صدورنا 30 عاما زاد فيها الفقراء أضعافا في وقت تستورد فيه مصر ما قيمته 3 مليارات لأكل قطط وكلاب الأثرياء .. نفس المقدمات التي أوجدت مبررات قيام ثورة 23 يوليو 1952 تكاد تتشابه مع المقدمات التي أدت لثورة 25 يناير مع فارق وحيد هو أن الأولي قام بها الجيش وسانده الشعب والثانية قام بها الشعب وسانده الجيش .. يالهما من ثورتين عظيمتين في التاريخ المصري الحديث . في الكتب المدرسية التي درسناها ونحن صغار أن ثورة 23 يوليو 1952 قامت علي مبادئ ستة هي: القضاء علي الاقطاع.والقضاء علي الاستعمار.والقضاء علي سيطرة رأس المال علي الحكم.و إقامة حياة ديمقراطية سليمة.وإقامة جيش وطني قوي.و إقامة عدالة اجتماعية.. كانت أربعة منها هي شرارة ثورة 25 يناير 2011 فقد سيطر رأس المال علي الحكم وغابت العدالة الاجتماعية والحياة الديمقراطية السليمة ولم يكن غريبا أن ترفع ثورة يناير شعار " عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية ". لم يكن مبارك يقرأ في كتب التاريخ ولم يكن يهتم بمعاناة شعبه ولم يكن يعلم أن النار تخرج من تحت الرماد وأن الساعة آتية لا ريب فيها .. نجحت الثورة وذهب النظام إلي غير رجعة وبدأت مصر نحو جمهورية جديدة تتحقق فيها مبادئ الثورة الجديدة وجاء رئيس منتخب عبر صناديق الاستفتاء ولكن هل تحققت هذه المبادئ بعد مرور عامين علي الثورة ؟! الحرية لا تعني الفوضي الواقع يقول أن الحرية التي كان يحلم بها الشعب تحولت إلي فوضي .. الاعتصامات لا تتوقف والمظاهرات مستمرة وعجلة الإنتاج عجزت عن المضي في طريقها والعدالة الاجتماعية ظهرت في صورة مغايرة وعمت الفوضي شوارعنا واختفت أرصفة المشاة تحت أقدام الباعة الجائلين وتحولت شوارع القاهرة إلي سوق عشوائية وما زالت البطالة بين الشباب كما هي رغم أن الحكاية لا تحتاج إلي لجان أو دراسات وعجزت حكومات ما بعد ثورة يناير في علاج أي مشكلة وبدلا من فرحتنا بالاحتفال بذكري الثورة أصبحنا نعيش في كابوس ونسأل بعضنا البعض .. ماذا نتوقع أن يحدث اليوم ؟ من صميم قلبي أتمني أن تمر الاحتفالات بسلام وأن نعي كشعب أن اقتصادنا يئن ويتوجع وأنه لا مفر لنا أمامنا نحو الانطلاق إلي الأمام الا بوحدة كل القوي السياسية والأحزاب علي قلب رجل واحد فمصر لن تكون الا للجميع وأن هذا الشعب لن يسمح بسيطرة فصيل بعينه علي البلاد وأن الثورة يجب أن تمضي نحو تحقيق أهدافها الثلاثة وأن توقف الإنتاج بسبب المظاهرات والمطالب الفئوية يجب الا يستمر وأن نهيئ المناخ الضروري لعودة رؤوس الأموال المهاجرة والاستثمارات التي هربت من الفوضي وقبل كل هذا وذاك أن تتوقف الألة الإعلامية الفاسدة عن إثارة الشكوك وإطلاق الشائعات وقلب الحقائق .. علينا أن نتقي الله في مصر قبل أن نندم جميعا فما يزال هناك متسع من الوقت وما زالت الفرصة سانحة نحو استعادة مصر التي في خاطرنا وفي دمائنا .. اللهم أنصر ثورتنا وحقق علي طريق الخير خطانا.