في مثل هذه الأيام من كل سنة يستعيد المواطن الكويتي ذكري الغزو الصدامي وتداعياته المأساوية، فتتجدد لديه رغبة داخلية في المحافظة علي تراب بلده الكويت وطنا سيدا حرا مستقلا، ويدرك في قرار نفسه ان ما يشهده هذا الوطن، الصغير بمساحته الكبير بأهله وناسه، من تجاذبات ومجالات تطفو علي السطح أحيانا، هي مجرد خلافات في الرؤي وفي أساليب إدارة السلطة التنفيذية لشئون البلاد. والحقيقة ان كل الفرقاء، مهما اختلفت رؤاهم وتضاربت توجهاتهم، لا يمكن ان يختلفوا في مصلحة الكويت والمحافظة علي مستقبلها. في العام 1991 ظن المقبور صدام حسين ان ما يشهده المجتمع الكويتي من اختلافات في الرؤي وتباينات في الطروحات الوطنية، فرصة ذهبية للتدخل في الشئون الكويتية، وانه سيجد من خلالها ثغرة ينفذ منها إلي بعض الشخصيات الوطنية أو بعض التيارات السياسية، طمعا في كسب ودها ونيل تأييدها لما خطط له من إجرام بحق الكويت والكويتيين، لكن ظنه خاب، وسحره انقلب عليه، وكيده ارتد في نحره.. فقد اجمع الكويتيون في داخل البلاد وخارجها علي الوقوف صفا واحدا خلف حكامهم الشرعيين، وبلغت اصواتهم مسامع العالم، مطالبين برحيل جيش الاحتلال العراقي عن أرضهم، وبتعويض الكويت بمؤسساتها وأفرادها من مواطنين ومقيمين عن كل ما دمرته القوات الغازية، وعن كل ما أصابهم من جراء ذلك الغزو الآثم. واليوم تمر الكويت في عنق زجاجة، لكن كل الكويتيين الشرفاء يتفقون علي ان الفريقين المختلفين يسعيان إلي مصلحة الكويت، كل من موقعه وبحسب وجهة نظره، كما ان الجميع مطمئن إلي أن الكويت دولة مؤسسات وقانون لا يضيع فيها حق احد، مهما كان كبيرا أم صغيرا.. وهذا ما يحرص علي تأكيده سمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه في كل مناسبة، فسموه قال غير مرة انه يؤيد أي حكم تصدره المحكمة الدستورية فيما يتعلق بقانون الانتخاب وفق الصوت الواحد، وعلي الجميع التزام ما تقرره المحكمة الدستورية في هذا الشأن. لا شك في ان الكويت اليوم علي اعتاب اشراقة جديدة، والمستقبل المنظور يبعث علي التفاؤل، والعلاقات الكويتية العراقية عادت إلي طبيعتها، والمشاريع التنموية وضعت علي سكة التنفيذ، ونتائجها الايجابية ستنعكس علي البلدين الشقيقين في القريب إن شاء الله. في مناسبة مرور سبعة أعوام علي رحيل الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه، اتذكر مقولته في فبراير 2991: »ان صلابة جبهتنا الداخلية صمام امان، وسيادة المودة والتلاحم بين فصائل مجتمعنا مصدر القوة، والعمل الخالص من الأنانية والمصالح الذاتية رصيد الوطن للمستقبل، والمشورة الناصحة وتبادل الآراء البريئة من الأهواء طريق البناء، والايمان الصادق والأخلاق القويمة صلاح الدنيا والاخرة.. وهذه الخمس مجتمعة هي الولاء الحق للكويت«.