القمامة تحتل محطات السكة الحديد ودورات المياة بالقطارات أصبحت خرابة والمواطنون يسخرون ! انتقل غضب المصريين من كوارث القطارات التي كان آخرها فاجعة قطار البدرشين من مرحلة البقاء والدموع والاستنكار الي مرحلة السخرية من الاوضاع المقلوبة والفوضي الخلاقة والفساد المستشري في منظومة هيئة السكة الحديد.. سطر الغاضبون عبارات ساخرة وقاسية علي اسوار خطوط السكة الحديد الموازية للقضبان في المناطق السكنية أحدي هذه العبارات تقول »متخفش هيعمل حادثة« وتقول أخري »اركب القطار وموت ولكن لا تنسي كتابة وصيتك« وثالثة تقول »احتفظ بالتذكرة لتقديمها عند الطلب والكفن لتقديمه عن الحادثة«. هذه اللقطات الساخرة سجلتها عدسات »الأخبار« اثناء جولتها في مستنقعات الاهمال والفوضي في محطات السكة الحديد وبالتحديد محطتي مصر والجيزة.. القضبان تقوم علي بحيرة من مياه الصرف الصحي.. الكلاب الضالة تتجول بحرية علي أرصفة الشرق ارقام 91،02 والتي يستخدمها ركاب قطارات الدرجة الثالثة والثانية المميزة.. كما تشهد أرصفة خط الوجه القبلي حالة من الاهمال تدعو للبكاء. الأخبار رصدت بالصورة 6 مظاهر الفوضي والاهمال داخل السكة »الحضيض« أو كما كان يطلق عليها سابقا السكة الحديد.. وتهدي الصور الي المسئولين عليها تحدث شرخا في جدار صمتهم ويتحركون لاصلاح ما أفسدته عقود طويلة من الفوضي والاهمال خاصة بعد ان رصدنا معاناة ورش سكك حديد مصر ونقلنا صرخات العاملين بها بسبب عدم توافر قطع الغيار للجرارات وفساد منظومة الصيانة بأكملها. المهزلة الاولي التي تدعو الي التنكيت والتبكيت في أن واحد تبدأ مع رصيف 02 داخل محطة سكك حديد مصر برمسيس، شاهدنا كلابا تتجول وسط المارة والركاب وكأنها تنوي الركوب هي الاخري القطارات، كلابا قد تعقر المسافرين وبدلا من ان يذهبوا الي ذويهم بألف صحة وسلامة، يذهبون ومعهم »عضة كلب«!.. كيف دخلت هذه الكلاب الي المحطة الاولي والاكبر لسكك حديد مصر.. الله أعلم.. يسأل في ذلك القائمين عليها.. فما بالك بحال المحطات الأخري او تلك التي تتواجد في الاقاليم والارياف والقري النائية التي تقع بعيدا عن اعين المسئولين. مهزلة أخري ثانية تنذنر بالخطر.. هي اكوام القمامة التي تحتل كل مكان داخل ارصفة سكك حديد مصر برمسيس.. بقايا الخردة والفرامل وما يسقط من القطارات اثناء الاعمار ينتشر في كل مكان داخل المحطة رغم الاسطول الكبير من عمال النظافة الذي يعمل علي قوة الهيئة والذين يحصلون علي رواتب شهرية نظير القيام بمهمة تنظيف الارصفة والمحطة ككل حتي تبدو في ابهي صورها. ما يزيد الطين بلة هو المشهد او المهزلة الثالثة التي وقفنا عندها كثيرا من هول المنظر المأساوي والمتردي الذي آلت اليه محطات السكة الحديد في مصر.. مياه تتسرب من تحت الارض وتطفو الي أعلي متجهة الي قضبان السكة الحديد.. مياه تأتي من دورة مياه تتواجد بعد رصيف 91 في اتجاه ورش السكة الحديد. الامر في غاية الخطورة، فالمياه غير الصحية المتدفقة تخترق أسفل القضبان وهو ما يهدد بتمويل المكان الي منطقة رخوة قد تنهار في أي وقت وقد يكون هناك قطار يمر اثناء هذا الانهيار فنجد أنفسنا امام فاجعة أخري. مشهد آخر لا يقل خطورة وبشاعة عن سابقة.. ففي عز هذه الشتاء القارص معظم القطارات التي يستخدمها الغلابة نوافذها مهشمة ولم يفكر المسئولون في اصلاح تلك النوافذ أو استبدالها بأخري سليمة تحمي الركاب من زمهرير الشتاء شديد البرودة.. تجولنا داخل قطارات الغلابة لنجد مقاعد متهالكة عليها الزمن وشرب في احشائها تسكن الحشرات والقمامة تنتشر أسفلها وهو ما يمثل مشهد خامس يدعو للحسرة.. ولما لا؟!!.. انها قطارات الغلابة الذين سقطوا من حسابات المسئولين والدولة باكملها.. فدماؤهم هانت علي الجميع لانها رخيصة من وجهة نظرهم ليست كدماء عليه القوم الذين يستقلون القطارات المكيفة الفاخرة وان كان بعضها لا تسلم من زحف الصراصير. دورات المياه داخل قطارات الغلابة تبدوا اثرا بعد عين فهي بلا مياه واشبه بالخرابات فالروائح الكريهة تميزها، والقوارض تسكن كل شبر فيها، باختصار هي دورات مياه غير ادمية تشمئز منها الحيوانات. المشهد داخل محطة الجيزة أيضا يفضحه المسافرون احمد زهران من محافظة طنطا يأتي الي عمله يوميا يستيقظ الساعة السادسة صباحا ليلحق القطار المتجه الي مصر ورغم ان ميعاد تحرك القطار الساعة 03.6 صباحا الا انه كالعادة يتحرك الساعة السابعة والنصف وهذه هي بداية المعاناه.. الزحام والتكدس والنشالون مصدر خوف دائم لكل الركاب الباعة الجائلون يفرضون سطوتهم علي القطار الذي يتحرك كالسلحفاه ويقف كثيرا بدون سبب ليصل القاهرة الساعة 03.01 صباحا ويتعرض الجرار كثيرا للتعطل والعذاب دائما حليفي في كل مرة والسبب اعطال الجرارات ويتساءل لماذا لم يتم اصلاح الجرار قبل تحرك القطار. باختصار.. اصبحت هيئة السكة الحديد في »غيبوبة« تامة واصبح الركاب هم ابطال معاناه يومية عنوانها البحث عن القطار فالزحام الشديد يخلق صورة غريبة حيث يتوجه الركاب الي أماكن تخزين القطارات لتجد لنفسها مقعدا تجلس عليه قبل ان تهاجمه جحافل البشر المتراصة علي الأرصفة، المشهد يثير الحيرة والغضب ويدعو الي الشفقة.