كلما تطرق الحديث الي تطوير التليفزيون الرسمي تركز اهتمام المسئولين علي المادة السياسية بكل أشكالها. نشرات »الأخبار« وبرامج متابعة الاحداث الجارية والندوات أو اللقاءات التي تتناول الشئون السياسية«. والمتابع المنصف لشاشات التليفزيون الرسمي يستطيع أن يحكم بضمير مستريح بأن تطورا نسبيا قد حدث في هذا المجال. ورغم ذلك فإن هذا التليفزيون الرسمي لم يستطع حتي الآن أن ينافس قنوات أخري لا يزيد عمرها عن بضع سنوات ولا يتجاوز عدد العاملين بها عشرة في المئة من عدد العاملين في قطاع واحد من قطاعات تليفزيون الدولة »عدد القطاعات يبلغ اثني عشر قطاعا؟!«، كما ان ميزانية هذه القنوات تقل عن نصف ميزانية قطاع واحد. السر أن المسئولين في اتحاد الاذاعة والتليفزيون اهملوا عناصر بالغة الاهمية تجذب نسبة كبيرة من المشاهدين واعني بها البرامج الثقافية والترفيهية بكل اشكالها واكتفي المسئولون ببعض برامج ترفيهية معظمها بالغ التفاهة. اما البرامج الثقافية سواء منها البرامج الادبية والعلمية أو التي تتعرض لقضايا مجتمعية بطريقة علمية وجادة، فقد اختفت هذه النوعية. واستسلم المسئولون بالاتحاد لمنطق شركات »الاعلان« التي فرضت سطوتها وقررت استبعاد هذه النوعية باعتبارها مواد طاردة لجماهير المشاهدين. وهذا المنطق السقيم يدين كلا من المسئولين وشركات الاعلان علي السواء. فالمادة الثقافية المحترمة وخاصة المواد العلمية التي تتابع كل مستحدث في العلوم، هذه المواد والمواد الترفيهية المحترمة كلاهما يجذب »نوعية« من الجماهير يستفيد منها المعلن بأكثر من الفائدة التي يحققها من »نوعية« الجماهير العريضة التي يتصور مندوبو الاعلان انها الجماهير المستهدفه. ونتيجة لهذا المنطق انحدرت مستويات »الاعلان« ايضا لتناسب هذه النوعية من الجماهير. فهل يفكر المسئولون في تليفزيون الدولة في هذا الامر بقدر من الجديه ام سيبقي الحال علي ما هو عليه؟!