هل يسعي الإخوان حقا إلي »أخونة الدولة« كما يقول المعارضون لهم؟ وهل يريدون الانفراد بالحكم والسيطرة علي مفاصله؟ وهل يهدف الرئيس مرسي من وراء قراراته إلي إحكام قبضة الإخوان علي كل السلطات بواسطة الدستور الجديد؟ وهل كان هذا هو المطلوب بعد تمريره في ليلة واحدة حتي يطرح في الاستفتاء؟ وهل يراوغ الإخوان في الحوار مع جبهة الإنقاذ والأحزاب لإنهاء الانقسام والاستقطاب؟ إنها التساؤلات المطروحة علي الساحة السياسية من المعارضة رغم حرص الرئيس مرسي علي المضي في الحوار لإكمال خارطة الطريق ولذلك كرر النداء لكل الأحزاب والقوي السياسية لحضور ذلك الحوار وكذا اكد انه سيبذل الجهد من أجل أن تساهم القوي الفاعلة في الحوار الوطني بعد الموافقة علي الدستور الجديد الذي يجعل في الوحدة الوطنية ركيزة لبناء الدولة الحديثة.. إن دعوة الرئيس للحوار تصدر مجردة عن الهوي والغرض وليست لحساب فصيل علي فصيل آخر وتهدف إلي مشاركة جميع القوي والأحزاب بعد انتهاء الفترة الانتقالية بصدور الدستور وقد أثبت الرئيس مرسي بذلك أنه لا يريد الانفراد بالحكم وعلي حد قوله: أنه ليس من عشاق السلطة..! وفي رأيي أنه حان الوقت بعد دعوته للحوار بين كل الأطياف للتوجه إلي مرحلة جديدة من البناء ونبذ الخلافات الحزبية جانبا والعمل علي استقرار الأوضاع، وفي سبيل ذلك تحمل الرجل مسئولية اتخاذ الكثير من القرارات الصعبة ايمانا بأن يكون الدستور الجديد ميثاقا ثابتا يرجع اليه الجميع، واذا كان هناك اختلاف حول بعض المواد فلابأس من إعادة مناقشتها علي ضوء ارادة الشعب حتي يتم التوافق وعدم الانفراد بالرأي.. وفي رأيي أن جبهة الانقاذ عليها مسئولية المساعدة في انجاح الحوار الوطني الذي يشمل الاخوان والتيارات الليبرالية والإسلامية بحيث يتفرغ الجميع بعد ذلك لمواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن وبالذات الأزمة الاقتصادية التي تمسك بالخناق وتتطلب كل الجهود والأفكار للخروج منها، ولابد أن يكون مفهوما أن العالم والمنطقة ينظران الي التجربة المصرية الرائدة في الديمقراطية بعد خروج الدستور إلي النور..! نعم هناك قضايا متراكمة وهناك مشاكل داخلية مزمنة وقصور في الخدمات وهناك نقص في السيولة والموارد المالية وهناك 0021 مصنع أغلقت ابوابها في العامين الأخيرين وتوقفت عن الانتاج وهناك صعوبة في توفير العملة الصعبة من اجل الاستيراد للمواد الضرورية وهناك عجز في الموازنة خمسون مليارجنيه في الربع الاول مع زيادة الاعباء! نعم هناك معاناة للملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر ويجدون صعوبة في الحصول علي لقمة العيش وتوفير حوائجهم.. ولكن ليس معني ذلك ان نفقد الأمل ونتقاعس عن الانتاج، وننتظر قرض صندوق النقد أو مساعدات من الاتحاد الاوروبي وغيره وانما لابد من الاعتماد علي انفسنا اولا فإن السماء لا تمطر ذهبا، ولابد أن تتجرد القوي السياسية والاحزاب من المصالح الشخصية والصراعات الضيقة وترتفع فوق الخلافات فلا فرق بين الاخوان والليبراليين وعليهم واجب المحافظة علي هذا الوطن في مرحلة مصيرية. ان المشهد قد يبدو ضبابيا ومعقدا بعد الاحتقان الذي حدث في معركة الدستور، ولكن لابد من بناء الثقة بين الفصائل المختلفة وأن تجيء المبادرة من الإخوان بحكم الاغلبية لأنه لا يمكن لفصيل واحد ان يتحمل وحده مسئولية الحكم في هذه المرحلة، وعلينا التصالح وأن ننسي الخلافات وأن نحرص علي عدم الدخول في تصفية حسابات! والآن ماذا بعد الدستور الذي صار حقيقة واقعة وقال له الثلثان: نعم.. وقال له الثلث : لا.. وهكذا لم يصدر بالتوافق؟ لاشك أن القضية الاساسية والقائمة هي المشكلة الاقتصادية وما نتعرض له من مخاطر وتحديات وهي تجيء قبل غيرها وقبل السياسة وتتطلب ضرورة تكثيف الجهود لمواجهتها ووضع خطة مدروسة وحلول عاجلة له.. ويكفي تراجع التصنيف الائتماني لثلاثة بنوك مصرية رئيسية وتصاعد سعر الصرف للدولار واليورو بسبب تزايد الطلب من المستوردين عليها.. وبينما القوي السياسية والفصائل الحزبية مشغولة بمعارك جانبية من الاستنزاف المتبادل، وذلك يستدعي وقفة انتباه ويتطلب وجود حكومة قوية وقادرة علي مواجهة التحديات وتحمل الاعباء والمخاطر.. ان نسيان الماضي وتصالح الأمة هو المخرج للحالة التي تعانيها مصر بعد معركة الدستور!