د. رمضان بطيخ علي الرئاسة والتيارات الإسلامية الاعتراف بالمعارضة الوطنية .. وعلي القوي السياسية قبول شرعية السلطة ومساندتها أكد د.رمضان بطيخ استاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس ان ارتباك المشهد السياسي في مصر لا يرجع إلي الاستفتاء علي الدستور أو الاعلان الدستوري إنما يرجع إلي سعي البعض لتحقيق مكاسب سياسية، مشددا علي أن الخلاف السياسي لاينبغي أن يصل إلي درجة الخلاف وإنكار الآخر. واشار د.بطيخ في حوار مع »أخبار اليوم« إلي أن تعيين 90 عضوا من اصحاب الكفاءات القانونية والدستورية في مجلس الشوري سيحدث التوازن المطلوب حتي لا يكون هناك تغليب لفصيل واحد علي الكتلة التصويتية داخل مجلس الشوري.. ود.رمضان بطيخ كان عضوا بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومؤخرا تم تعيينه عضوا في مجلس الشوري .. وإلي نص الحوار: كيف تري المشهد السياسي ؟ المشهد السياسي علي الساحة المصرية مرتبك وهذا الارتباك ليس بسبب إعلان دستوري، وليس بسبب الاستفتاء علي الدستور وإنما هو راجع إلي خلافات سياسية لأسباب سياسية تهدف لتحقيق مكاسب سياسية، وكل ذلك مرفوض تماما لاننا جميعا يجب أن نعلي مصلحة الوطن، ويجب ان تكون هذه الخلافات في إطار ديمقراطي فالمبدأ انه لا تكون الديمقراطية حقيقية إلا بوجود معارضة جادة حقيقية، وهنا لابد أن نذكر أن المطلوب من جميع القوي السياسية أن تمد يديها لتتعاون بعضها مع بعض، وأن تسود الثقة بينها وتنزع كل منها عوامل الشك في تصرفات الآخر. ولكن الخلافات السياسية سمة من سمات الديمقراطية الحقة وتعبير عن تنوع الافكار والاتجاهات.. فما رأيك؟ هذا صحيح ومطلوب فعلاً، ولكن يجب الا يصل الخلاف السياسي إلي درجة التناحر، وإلي حد إنكار الآخر، ونري انه يلزم علي رئاسة الدولة وحزب الحرية والعدالة، ومن يناصره من الاحزاب الاخري وبصفة خاصة تيارات ما يسمي بالاسلام السياسي، أن يعترفوا جميعا بالمعارضة القائمة، وبأنها معارضة وطنية مخلصة تسعي مثلهم إلي المصلحة العليا للبلاد، ومن ثم فيجب إتاحة الفرصة لها بالمشاركة في إدارة هذا الوطن الذي هو وطن الجميع ، وعلينا الابتعاد عن اقصاء اي تيار أو اتجاه أو فرد. ومن ناحية أخري فعلي هذه المعارضة الوطنية الشريفة ان تقبل بشرعية السلطة في مصر الآن، وبانها هي صاحبة الحق في اتخاذ القرار داخل المجتمع، ويجب علي الجميع الوقوف إلي جوارها ومساندتها وان يعمل معها الكل من خندق واحد يضم السلطة والمعارضة، فيصدر القرار بالتوافق، وهذا لا يحدث الآن ويفتقده الشارع السياسي في بلدنا، ونحن نطلب من المعارضة الا تقف عقبة في سبيل الاستقرار الذي ينشده المواطن، وهذا لن يتحقق سوي بالحوار الوطني الجاد والاتفاق علي أساسيات وآليات يتم تنفيذها لتحقيق ما نصبو إليه، وهو ما بدأته فعلا مؤسسة الرئاسة، ومدت يدها لجميع اطراف المعارضة للمشاركة في هذا الحوار. ولكن المعارضة أو ما يسمي جبهة الانقاذ الوطني قالت إن هذا الحوار من جانب واحد .. فبما ترد عليهم؟ لو كان الحوار كذلك وكما أشاعت المعارضة بأن مرسي يحاور مرسي، لكان ذلك بقصد تمرير أمر ما ثم ينتهي الحوار الوطني ومادام تم تمرير الدستور بأغلبية شعبية، فقد أنتهي إذن غرض الحوار كما يزعم البعض، ولكننا مازلنا نشاهد ان الحوار ممتد ويجري والرئيس نفسه وحزب الحرية والعدالة يتبنيان دعوة فصائل المعارضة وجبهة الانقاذ الوطني للحوار ولكنها لا تقبل! وما رأيك في قول المعارضة أنه ليس هناك أجندة محددة للحوار، وأن هناك موضوعات مفروضة مسبقة لا نقاش حولها في الحوار؟ الدعوة من الرئيس كانت مفتوحة للجميع وعلي الهواء مباشرة وجميع الموضوعات متاحة.. ولكن مبدأ من ليس معنا فهو ضدنا خطير أن يتبناه أي من الطرفين، لانه يجب ان يعترف كلا الطرفين أن هناك من يقف مع الطرف الآخر أو علي الحياد بينهما ويعمل فقط لصالح مصر وهو ليس مع هذا الطرف أو مع ذاك، والآن الحوار غير مشروط ومفتوح ويجب ان يتفهم الجانبان ذلك، وأن نبدأ جميعا هذا الحوار الوطني المهم والضروري بحسن نية وقلب مفتوح ورغبة مخلصة للخروج من الموقف المضطرب الذي نحن فيه، واذا حدث سوء نية أو محاولات إقصاء يتم توضيح ما تم للشعب.. وأنا من انصار هذا الحوار وأنادي به رغم أنني غير محسوب هنا أو هناك. ولكن هناك من يؤكد أن لك اتجاهاتك وتروج لها وهي لا ترضي هؤلاء.. فما ردك؟ أنا أعمل فقط لصالح الوطن، ومن وجهة نظري وليس من وجهة نظر أي فصيل، واذا كنت ادافع عن الدستور، وطالبت الشعب بأن يقول نعم عكس ما كان يريده البعض، فإنني فعلت ذلك لأني شاركت فعلا بإيجابية في وضع كثير من نصوصه واعترضت علي نصوص أخري، لذلك أعلم ما بداخله من إيجابيات لصالح المواطن المصري، فدفاعي عنه ليس تبنيا لوجهة نظر فصيل معين، وإنما هو دفاع عن قناعاتي الشخصية التي تنطلق من فهم دستوري وغيرة علي الوطن وفي المقابل لقد انتقدت كثيرا من المواقف السياسية وبعضا من نصوص هذا الدستور، ووقفت ضد ذلك كله لأنني دائما أعلي كلمة الحق والقانون. مثل ماذا؟ لقد اعترضت بوضوح علي قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان الذي أبطلته المحكمة الدستورية العليا، وقلت انه خطأ ظاهر من رئيس الدولة، ولم أسكت حتي تم إلغاء هذا القرار، وكذلك طالبت ان تقوم أسس الدولة علي مبادئ ديمقراطية ثابتة، فلا يصح ان تكون الدولة المصرية منقسمة بين ليبرالي وإسلامي وغير ذلك فالكل أبناء هذا الوطن وشركاء فيه وفي مصيره الواحد.. وكنت من أشد المعارضين لمادة العزل السياسي، وأوضحت للجمعية التأسيسية انه يجب ان تظل الثورة سلمية ولابد من التصالح المجتمعي مع رموز النظام السابق الذين لم يثبت عليهم افعال تعاقب عليها القوانين المعمول بها، ولكن وجهة نظر الاغلبية في الجمعية التأسيسية كان لها رأي آخر، وهو أن هذا العزل مبرر كجزاء سياسي حدث مثله بعد الثورات في دول عديدة منها فرنسا وايطاليا بل وحدث في مصر أيضا بعد ثورة 1952 وفي التصويت كان للرأي الذي يخالفني الاغلبية فرضخت طبعا . وما رأيك في الاستفتاء علي الدستور من حيث عدد المشاركين فيه؟ عند التعرض لهذه النقطة علينا أن نتحدث في أمرين، من الناحية القانونية ليس هناك عوار بالنسبة للأعداد التي شاركت في الاستفتاء فليس هناك نص دستوري أو قانوني علي نسبة معينة، بل أن المادة 225 من الدستور الجديد اشترطت لانفاذه أغلبية بسيطة أو ما يسمي بالاغلبية المطلقة وهي »50٪ +1« ومثل هذا النص كان موجودا في الدساتير المصرية السابقة، وفي دستور 1971 الذي كان يحكمنا. واذا انتقلنا للناحية السياسية المتعلقة بالدستور الجديد فهو مجرد طموح وأمل من الجميع ان ترتقي نسبة المشاركة في الاستفتاءات بارتفاع الوعي السياسي والايمان بالديمقراطية بحيث تصل نسبة التصويت لصالح الدستور مستقبلا، إلي المستوي الذي يرضي طموحاتنا جميعا . وعلي العموم فإذا قارنا النسبة الحالية بما كان يتم من استفتاءات قبل ثورة 25 يناير فسنجد أن النتيجة مرضية للغاية من حيث المشاركة وان كانت لم تصل إلي عدد المشاركين في استفتاء الاعلان الدستوري في 19 مارس 2011 ، ومن هنا نطالب ببحث ذلك من جانب السلطة المهيمنة علي المجتمع للتعرف علي أسباب عزوف المواطنين عن المشاركة في الحياة السياسية. تقول السلطة المهيمنة علي المجتمع فهل هذه الهيمنة تتفق مع أصول الحكم الديمقراطي؟ أقصد بالسلطة المهيمنة هي السلطة صاحبة القرار في مصر، ولا أحد ينكر ذلك وصحيح ان هذه السلطة تأخذ رأي المعارضة ولكنها في النهاية تتولي الحسم بوصفها هي المسئولة عن قراراتها امام الرأي العام، وما يصدر من جانب هذه السلطة غير مسئولة عنه المعارضة علي الاطلاق، حتي ولو شاركت في إبداء الرأي نحوه فدائما المسئولية تتحملها السلطة القائمة بالحكم في المجتمع، وهذا اسلوب ديمقراطي سليم وآليات الديمقراطية في المجتمعات المتمدينة لا تخرج عن ذلك. مجلس الشوري سيتولي سلطة التشريع.. كيف ذلك ونسبة من انتخبوه فقط 3٪ من الشعب؟ هل العبرة بمن صوتوا لانتخابه أم العبرة بنوعية من يضمه من أعضاء؟.. لقد عين رئيس الجمهورية 90 عضوا من أصحاب الكفاءات القانونية والدستورية ليحدثوا التوازن المطلوب والذي انتقدته قوي المعارضة، احتجاجا علي تغلب فصيل واحد علي الكتلة التصويتية داخل مجلس الشوري، رغم انهم ايضا من أصحاب الكفاءات العالية في مختلف الميادين.. ولقد حاولت مؤسسة الرئاسة أن تتقدم جبهة الانقاذ الوطني والقوي المعارضة الأخري بمرشحين لها للتعيين بمجلس الشوري، وللأسف لم تجد استجابة فتم تعيين من أعلن عنهم ليشاركوا في التشريع خلال فترة انتقالية محددة المدة، حتي يتم انتخاب مجلس النواب خلال فترة ما بين ثلاثة إلي أربعة شهور ثم يتولي مجلس النواب مهمته الاساسية، وسوف يستمر مجلس الشوري لمدة عام واحد فقط بعدها يعاد انتخابه علي أسس جديدة أقرت في الدستور،. ولكن هل إسناد مهمة التشريع إلي مجلس الشوري الحالي أمر سليم؟ مجلس الشوري كان في العهد السابق الذي ولي مجرد ديكور ديمقراطي، ووضعه كان خاطئا وشاذا بالنسبة للنظم البرلمانية في الدول عريقة الديمقراطية، وذلك انه كان مجلسا استشاريا وليس له أي دور في التشريع أو الرقابة بعكس المجالس المماثلة في دول أخري والآن عاد مجلس الشوري إلي وضعه الطبيعي واصبح مجلساً تشريعيا حقيقيا يحتل وضعه الطبيعي كباقي المجالس المماثلة في دول العالم. وما هي أولي التشريعات التي سيقرها المجلس ؟ أول عمل سيقوم به مجلس الشوري تعديل لائحته، لأنه لأول مرة سيتولي سلطة التشريع، فيجب وضع آلية القيام بهذا الدور، وفي الغالب الاعم ستكون هي الآلية المنصوص عليها في قانون مجلس النواب.. ثم بعد ذلك أمامنا تشريع قانون الانتخابات ليترجم ما جاء بالدستور في المواد الانتقالية الخاصة بمجلس النواب ليكون الانتخاب بنسبة الثلث للمستقلين والثلثين للقوائم مع جواز ترشيح كل منهم علي نسبة الآخر.. وبعد ذلك يأتي تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية لتحديد تعريف العامل والفلاح طبقا لما أورده النص الخاص بهما في الدستور الجديد.. ثم ننطلق إلي القوانين المهمة جدا، وهي القوانين الاقتصادية وقوانين العدالة الاجتماعية التي سوف تسمح لنا بالانطلاق إلي الاستقرار والحياة الطبيعية وهي التي أعلن عنها مجلس الوزراء مثل قوانين التأمين الاجتماعي والحدين الأدني والأقصي للأجور والصكوك الإسلامية وغيرها. ما رأيك في تخوف البعض من قانون الصكوك الإسلامية؟ لماذا هذا التخوف؟ ومن المنتظر ان تجذب هذه الصكوك الإسلامية حوالي 200 مليار دولار، والدول الإسلامية سوف تساهم في شراء هذه الصكوك وسوف تطرح للبيع في هذه الدول تماما مثل صكوك الخزانة. ولماذا لم يتم التعديل أساسا في الدستور الحالي قبل طرحه للاستفتاء؟ لقد اضطرت الجمعية التأسيسية لعرض الدستور بحالته التي استفتي عليها الشعب بعد انسحاب بعض الاعضاء في محاولة لعرقلة وضع الدستور، وقد طالبتهم الجمعية بالعودة والمساهمة في وضع النصوص الدستورية وتوضيح رأيهم والأخذ برأي الاغلبية، ولكنهم لم يستجيبوا، فكان أن قدمنا الدستور لرئيس الجمهورية فور انجازه .