نشرت جريدة الأخبار بتاريخ 14و21/21/2102 مقالتين لأحد أساتذة الجامعات الاقليمية تحت عنوان »أساتذة الجامعة والدكتور مرسي« يناشد فيها زملاءه من اعضاء هيئات التدريس بالجامعات ألا يخذلوه. ويردوا للرئيس الجميل علي انه تفضل بالموافقة علي رفع بدل الجامعة الذي انتشلهم من الفقر. كما انه رفع الظلم والقهر عن رموزهم من كبار الأساتذة إلا انهم للأسف الشديد بدلا من مناصرته وشد أزره بدعوة نواديهم لإصدار بيانات الدعم والتأييد والمساندة لقراراته، كانوا اكثر المنتقدين له ولسياسته، ناهيك عن البذاءات والأكاذيب، والافتراءات التي ينسبوها الي الأخ والزميل مرسي وهو البار بأهله وزملائه. وهم في هذا الموقف لم يراعوا حتي القاعدة التي تقول انصر أخاك، واللافت للنظر انه قد شدد في لومه هذا علي زملائه في الجامعات الاقليمية لانهم أهله وعشيرته الأقربون. وخص منهم فئة اطلق عليها فئة الأستاذ الجوال الذين اعتبرهم من غير المحترمين من اعضاء الهيئات التدريسية بالجامعات المصرية.. وزعم ان نسبتهم لا تتجاوز 02٪ ووصفهم بأبشع الصفات التي يعاقب عليها القانون كالمتنطعين.، والنمامين والكذابين، والطفيليين، بلغ الغي مداه حين شكك في مؤهلاتهم العلمية التي حصلوا عليها بأساليب نكراء. وهي ولا شك جرائم تندرج تحت السب والقذف العلني وفقا للقانون. وبعيدا عن الادانة القانونية والاخلاقية لهذا الخطاب البليد فإن ما يهمنا في حقيقة الأمر ليس هو الرد علي هذه الاتهامات لإعادة الاعتبار لمن تم سبهم، وقذفهم علنا، وانما ايضاح بعض الحقائق حول المقاصد الحقيقية، والاغراض الكامنة حول بعض الأساليب التي كان يألفها نفر من الناس في ظل الحكم التسلطي الاستبدادي وهنا فإن لي بعض الملاحظات علي ما سطره الزميل أستاذ الجامعة. الملاحظة الأولي تتعلق بالدلالة السياسية لمضمون هذا الخطاب أو ما يرمي إليه صاحب تلك السطور في هذا التوقيت بالذات فالرجل وبدون أدني مواربة، وعلي رءوس الأشهاد قد مارس تلك الحرفة باقتدار شديد، ومازال علي موقفه من كل الحكام، ومع السلطة اينما حلت، وهو الحامل لمباخرها في كل العصور، فلقد اشبعنا من قبل في كل كتاباته بعظمة السادات، وحكمة مبارك، فقد كتب عن السادات يقول »إنه أحد ظواهر القرن الواحد والعشرين، الذي أثار العالم في السنوات التي حكم فيها في قاموس حكام العالم الثالث.. والرجل نفسه اعتبر مبارك كنزا من الخلق والعمل وهبة الله لشعب مصر.. وهو نفسه الذي دافع عن استبداد مبارك وكتب يقول »أبايع مبارك لأن أهم مبادئه إيمانه بالديمقراطية، واحترامه للرأي الآخر، وعدم ضيقه بالمعارضة واحترامه للقانون.. وهو الذي كتب له عفوا سيدي الرئيس صحتك ملكا للشعب وذلك غيض من فيض تعج به مؤلفاته التي لم يقرأها أحد لاستشعار الجميع بمراميها واغراضها ولان الشعب المصري يدرك ان مقترفي عادة التزلف للحاكم هم »في الدرك الأسفل من النار« ولان هؤلاء كما وصفهم رب العالمين صم بكم عمي فهم لا يرجعون، فقد اثروا حتي بعد الثورة ان يمارسوا ادوارهم بعناية فائقة وكأن ثورة لم تقم، وكأن نظاما لم يسقط فعادوا مرة اخري لمزاولة نفس الاساليب البالية في التقرب من الحاكم عسي ان يمن عليه اصحاب النعم، وهم في ذلك غير مدركين لحقيقة ما جري، وان تلك الاقنعة القديمة لم تعد ملائمة أمام الشعب الذي اسقط الأصنام وعبدتها. الملاحظة الثانية: تتعلق ببنية العقل التي تمارس هذا السلوك وهي بلا شك بنية عاجزة عن التواصل الا مع الماضي وأساليبه، غير قادرة علي ادراك الواقع الموضعي لمجري الاحداث، ولذلك تظل علي قناعتها في التبرير للمستبد أيا كان وتضعه في علياء من شعبه، الذي ينظر إليهم باعتبارهم رعايا لا مواطنوين فلا فرق في نظرته لزملائه في عهد مبارك عن نظرته لهم أيام مرسي، فهم من وجهة نظره مازالوا رعايا له كما كانوا أيام مبارك. فها هو يقول مخاطبا لمبارك »إنه لن يجرؤ أحد في ظل حمايتك لرعاياك ان يلغي أحد ميزة اعطاها لهم سيادتك« وها هو بعد الثورة يظل علي قناعته مازال يطالب زملاءه بوصفهم رعايا مرسي، وبالتالي حق علينا ألا نتنكر له لانه تفضل ومن علينا بالبدل الجامعي، وعلينا ان نقابل هذا الجميل بتأييده في قراراته، وندعوا له بدوام الاستبداد، وهو هنا لا يدرك ان الحقوق الاقتصادية للمواطن ليست هبة من الحاكم، وانما هي حق طبيعي لهم، وأن البدل الذي منحه لهم ليس من أمواله، ولكنها أموال الشعب، وان مسئولية الدولة تجاه العلماء تقتضي تحسن اوضاعهم لاننا أصبحنا مواطنين لا رعايا بعد الثورة. وأن عليه ان يدرك ان إرادة الشعب أعلي قدرا من إرادة الحاكم، لانه صاحب السلطة في بقائه. وهو صاحب السلطة في خلعه. الملاحظة الثالثة: تتعلق ببعض المغالطات التي وردت بالنسبة لحجم اعضاء الأساتذة الجوالين وهم تحديدا الاعضاء بالجامعات الاقليمية أو من وصفهم بغير المحترمين، وهنا أقول له وبكل أمانة إن هؤلاء يمثلون أكثر من 07٪ من اعضاء هيئة التدريس بتلك الجامعات، وان هذه الفئة وحدها هي التي قامت علي اكتافها مهمة التأسيس، والنهوض بهذه الجامعات، وقت ان كانت تلك الجامعات تصدر القرارات بانشائها دون أدني استعداد أكاديمي او حتي مادي، وهم الذين مارسوا العمل ومازالوا في ظروف غير ملائمة بسبب ضعف الامكانيات، ينتمون الي الجيل الذي تربي وتخرج في الجامعة، وقت ان كانت الجامعة منارة للعلم والمعرفة، وغير تابعة لسلطة النظام، ولقد عان الشرفاء منهم قبل الثورة من الممارسات الوقحة لهذا النظام، في الوقت الذي هرول إليه كل مشتاق، ودبج المقالات، ورفع الشعارات فأشار بالحكمة والزعامة للأب وبنيه، بقي ان أوضح لمن سب زملاءه علنا لماذا خذلوه؟. أقول لك خذلوه لان الثورة قد حررتنا من قيد التبعية للحاكم المستبد، لم تعد شهوة السلطة والسلطان قاصرة الا لدي من لا يبصر ولا يعي ما حدث، وان يختار مستشاريه ممن لا يخشي قول الحق في وجه سلطان جائر.