نجاح مملكة البحرين الملحوظ، في استضافة القمة ال33 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي. ورؤية الواقع كما هو علي الأرض. واللقاءات مع عدد كبير من المسئولين ورجل الشارع العادي. يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، بان مملكة البحرين "تعافت نهائيا "، من آثار "أزمة" مرت بها خلال العامين الماضيين. وكانت تستهدف "عروبة "هذه الدولة، استقراها، وأمنها، "ومخطط "كان يسعي إلي تغيير الجغرافيا، والتاريخ لهذه المملكة، ومن بعدها منطقة الخليج. وهي الأزمة التي يحسبها البعض،" زورا وبهتانا "إلي ثورات الربيع العربي. وهي ابعد ما تكون عن ذلك. حقيقة الأمر أن هناك مجتمعات وفي المقدمة منها تجربة البحرين قادرة، علي القيام بالتغيير، عندما تستدعي الضرورة ذلك. ويقوم بتلك الخطوة القيادة السياسية نفسها، نظرا للعلاقة العضوية بينها وبين شعبها. وهو ما قام به الملك حمد بن عيسي، بعد توليه الحكم في عام 1999. فلم تمر سوي شهور قليلة، حتي سعي إلي إعلان ميثاق للبلاد، تم الاستفتاء عليه في فبراير 2000، وحظي بإجماع شعبي. كما اجري الملك تعديلا علي الدستور عام 2002. تحولت البحرين إلي مملكة دستورية، بعد استكمال مؤسسات الدولة التشريعية، بمجلسي النواب والشوري. وإصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية، والجمعيات السياسية " الأحزاب "، والتي وصل عددها إلي 18، تضم جميع التيارات السياسية، وإصدار عفو عام، وإطلاق سراح سجناء الرأي، وعودة المبعدين. وتمت الموافقة علي قيام منظمات المجتمع المدني، وجرت الانتخابات البلدية ثلاث مرات، آخرها في عام 2010. كما شهدت البحرين أول انتخابات برلمانية في عام 2002، وتكرر الأمر عامي 2006 و2010، وحصلت المعارضة والتي يمثلها جمعية الوفاق، علي 18 مقعدا من أصل 40 وهي تمثل الشيعة. كما حصلت "الأصالة" وهم السلف، علي ثلاثة مقاعد. "والمنبر" ويمثل جماعة الإخوان المسلمين، علي مقعدين. بينما فاز المستقلون علي 17 مقعدا. كانت تلك صورة المشهد السياسي، قبل أحداث 14 فبراير 2011. وقبل أي حديث عن ثورات الربيع العربي، فهناك "عهد غير مكتوب". عبر مئات السنين. يجعل الحكم في أسرة آل خليفة، برضا وموافقة الشعب، مع ضمان العيش الكريم، والعدالة الاجتماعية، والحريات العامة لأفراده ,وكانت البداية اندلاع العديد من الاحتجاجات، في عدة قري بالبحرين، حاملة معها مطالب معيشية مشروعة، ودعوة لمزيد من الإصلاح. وتعاملت معها قوات الأمن بشكل سلمي، يومها انضم إلي تلك الدعوات السنة والشيعة. وفي المواجهات سقط بعض القتلي، عددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. فأمر الملك بتشكيل لجنة تحقيق. واصدر الملك تعليماته إلي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد، ببدء الحوار الوطني، ولم تمر سوي عدة أيام، حتي ظهر "الوجه القبيح للأحداث"، والأهداف الحقيقية لذلك التحرك. عندما تم رفع سقف المطالب إلي "رحيل النظام "، "ومكافحة التمييز الطائفي ".وكان يوم 21 فبراير، أي بعد أقل من أسبوع، علامة فارقة، عندما اكتشف السنة في البحرين حقيقة الاحتجاجات. فخرج حوالي 450 ألفا، في 2 مارس. يرفعون شعارات التأييد للملك، وولائهم للأسرة الحاكمة، وقام الملك حمد بن عيسي بخطوة غير مسبوقة، عندما أمر بتشكيل لجنة تقصي للحقائق، من خبراء دوليين من دول عديدة ليس من بينهم أي بحريني، أتيح لها كل الإمكانيات. تم توفير كل أشكال التعاون معها. وقدمت تقريرها إلي الملك حمد بن عيسي، ورغم أنها خرجت برؤي مختلفة، إلي حد ما مع التوجه العام للدولة، ومع ذلك قبلت بها. وأمر الملك بتشكيل لجنة متابعة للتوصيات التي أصدرتها اللجنة. والتي أصدرت بدورها تقريرين عما تم تنفيذه، علي كل الأصعدة سواء، جهود المصالحة الوطنية، ومساءلة مرتكبي الانتهاكات، وإعادة المفصولين من العمل، وإعادة بناء دور العبادة، وإصلاح أجهزة الأمن، وغيرها. وظهر بشكل واضح لكل المراقبين، بأن إيران طرف رئيسي في أحداث البحرين. من خلال الدعم المادي والمعنوي، لبعض القيادات الشيعية في البحرين. وتوفير الغطاء الإعلامي عبر القنوات التابعة لها. وحاولت طهران إعادة البحرين للتبعية الإيرانية.، واستمرار المد الشيعي ليبدأ من البحرين، مرورا بجنوب العراق، وصولا إلي المنطقة الشرقية في السعودية. وكان الموقف الصلب، من دول مجلس التعاون الخليجي، بدخول قوات درع الجزيرة، لحماية المنشآت الحيوية والاستراتيجية. وتوفير خطة دعم مالي واقتصادي.. وكانت القمة الخليجية التي استضافتها المنامة مؤخرا، رسالة دعم سياسي للمملكة، والخروج بموقف موحد تجاه إيران، اتخذ" ثلاثة أبعاد"، كما جاء في البيان الختامي، وما ظهر من مداولات القادة، ورؤساء الوفود الستة. "الأول "يتكرر بصفة مستمرة، والخاص برفض احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث. واعتبار أي ممارسات إيرانية عليها لاغية وباطلة. "والبعد الثاني" جديد عندما طالب إيران، ،بالكف فورا ونهائيا، عن التدخل في الشئون الداخلية لدول الخليج، وعن كل السياسيات والممارسات، التي من شأنها زيادة التوتر، وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة. "والبعد الثالث" المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، الذي لا يهدد دول المنطقة فحسب، بل الأمن والاستقرار في العالم. وحذر من مخاطره البيئية، علي دول الخليج، خاصة بعد تشغيل مفاعل بوشهر. وتشير كل الدلائل، أن دول الخليج خرجت من موقع "الدفاع "تجاه إيران. إلي الهجوم السياسي، بعد نفاد صبرها من إصلاح المواقف الإيرانية.