مجموعة من الصدف الجميلة جمعتني بأربعة من رفقاء الصبا في جلسة حاولنا الإعداد لها علي مدار ما يزيد علي عشر سنوات دون جدوي .. مكتفين في ظل عناد الظروف والأيام بوصل الود -الذي من الصعب ان يماثله ود -هاتفيا وفيسبوكيا.. الغريب في اللقاء الذي أنعش المشاعر الصادقة وأيقظ الابتسامات الحقيقية انه جاء في توقيت كنت أحسب جمع شتاتنا مستحيلا .. اعتقدت واهما ان دفء الذكريات وبقايا الأحلام القديمة لا يكفي لمواجهة واقع قبيح رأيته مطلا من الصفحات الشخصية لرفقاء الأمس علي الفيس بوك فكل منا اصبح يعتنق أفكارا يثق بها ويدافع عنها ويروج لها وربما يكفر من يخالفها .. رأيت جدار الفرقة يرتفع لدرجة استسلمت معها لنظرية " الجفاء هو الحل " للحفاظ علي ما أظنه اقيم ما بداخلنا .. بقايا كل الأشياء الجميلة في تكويننا وروحنا وهويتنا التي شكل كل منا دون ان يدري جزءا منها لدي الآخر. عنقود الصدف اللقاء الذي حسبته مستحيلا بدأ بزيارة بلا موعد في مكتبي بالجريدة من إبراهيم العدوي مهندس البترول الذي لم اعرف له اهتماما قبل ذلك سوي نادي الزمالك حتي ظهر الدكتور محمد البرادعي في المشهد ليزيح حسن شحاتة وفاروق جعفر وإخوانهم من دائرة اهتمامات العدوي ًولتحل تحليلات اعضاء جبهة الإنقاذ محل تعليقات محمود بكر وميمي الشربيني وعصام الشوالي . الصدفة الثانية جاءت عبر الهاتف باتصال - في وجود العدوي - من المادة الخام للصداقة في حياتي الذي عرفت من خلاله هذه القيمة الاهم لدي قبل ان اعرف التعبير بأشكاله المختلفة.. ولكن باعدت بيننا الأيام ولاسيما في ظل عمله الشاق كأحد أبناء المؤسسة العسكرية والتي تفرض عليه تنقلا لا ينتهي - وهو ما دفعني للتحفظ علي ذكر اسمه - .. اقترح علي اللقاء فتحمست ولاسيما ان شقيقي الأصغر محمود كان قد ابلغني في صباح نفس اليوم ان ابن خالتي وصديقنا المشترك ايمن - نجل اول من انضم لتنظيم الاخوان المسلمين في بلدتي الحبيبة كوم حمادة الحاج عبد المنعم شعبان رحمه الله وأحد أعذب وارق الشخصيات التي تعاملت معها في صباي - في زيارة قصيرة للقاهرة لإنهاء معاملات خاصة بتجارته .. وهنا توقف عنقود الصدف ودفعتني حماسة ظننت أني فقدتها منذ سنوات للخروج .. الي استكمال دائرة الرفاق بالاتصال بمرآتي وصوت عقلي الدكتور احمد الزواوي الثوري الذي صاحب الاخوان في الجامعة وآمن بدعوة البرادعي ومنح صوته لأبو الفتوح واستقرت أفكاره عند حزب الوسط. خطاة النوايا الحسنة في مقهي هادئ بجوار منزلي بالمعادي بدأ لقاء الرفقاء الذين حسبتهم فرقاء بود فشلت برودة ليالي ديسمبر القارصة في ان تنال شيئا من دفئه وعتاب لا تحمل عباراته سوي الصدق علي ما آثمته ظروفنا من البعاد.. ثم سرعان ما وقع المحظور ودلفت بنا الكلمات الي منحني السياسة الخطر.. فكيف يجتمع الاخوان مع البرادعي والجيش والوسط وخامسهم الاعلام دون السقوط في الأتون المستعر ؟ .. كالمتوقع انبري ايمن بالدفاع عن الرئيس وجماعته ودعمه الزواوي في تأييد الدستور .. ثم عاد الي صف العدوي عندما وصل النقاش الي محطة الاتحادية .. وتمسكت برأيي ان البحث عن الفضيلة في فناء سياسي أيا كان انتماؤه إهدار للعمر.. تعالت أصواتنا في لحظات لا اذكرها فلم نسمع فيها بعضنا البعض.. ثم أعادتنا بقايا الأحلام القديمة الي الحقيقة الوحيدة التي قبلت القسمة علينا جميعا.. هدأت الأصوات.. وضحت الأفكار.. بقيت العقائد مختلفة ولكن اتفقنا علي ان الكل خطاة ولم نستثن أحدا مهما حسنت النوايا. صديقنا ضابط الجيش بقي دائماً الطرف الغائب عن الصدام رغم الاتهامات الصريحة من معظمنا للقوات المسلحة.. أكد لنا اللقاء انه مازال اكثرنا براءة فلم تغره حرارة حواراتنا بالنزول الي مستنقع السياسة.. شكا لنا بعضا مما عاناه علي مدار عام ونصف.. لم نلمس منه انحيازا لأي من الأطراف التي تمحورت حولها خلافاتنا فهي يقينا لاتعنيه مادامت لم تمس مؤسسته.