قانون مجلس النواب.. تعرف على أوراق الترشح و دوائر النظام الفردي للقاهرة والجيزة    قبل الافتتاح .. جولة ميدانية لمحافظ الجيزة لتفقد محيط المتحف المصري الكبير    بيطري الشرقية يذبح 561 أضحية بالمجان في ثالث أيام عيد الأضحى    صوامع الشرقية تستقبل 592 ألفا و908 أطنان قمح في موسم الحصاد حتى الآن    أمريكا.. اعتقالات بعد تحول احتجاجات في سان فرانسيسكو إلى أعمال شغب    الكرملين: تفسيرات كييف رفضها تبادل الأسرى غير مقنعة    مصطفى شوبير يوجّه رسالة لجماهير الأهلي قبل انطلاق مونديال الأندية    مراكز شباب الشرقية تواصل فتح أبوابها للمواطنين خلال عيد الأضحى ضمن مبادرة العيد أحلى    الحجاج يودعون آخر موسم حج في فصل الصيف لمدة 25 عاما    الأربعاء.. عرض "رفرفة" ضمن التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي    من المعادن النادرة إلى التكنولوجيا المتقدمة.. ملفات على طاولة المفاوضات الأمريكية الصينية    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا وامرأة من مخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3    مصر تجني ثمار عقد من التنمية.. "حياة كريمة" و"بداية جديدة" يعززان العدالة الاجتماعية |إنفوجراف    شيكابالا يدرس الاستمرار لنهاية تعاقده مع الزمالك (خاص)    بدء التحقيق في واقعة رفض طبيب الكشف على مريضة مُسنة بقنا    ضبط 5 قضايا مخدرات وتنفيذ 624 حكما قضائيا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    الغربية.. إخماد حريق شونة كتان بقرية شبراملس في زفتى بسبب ارتفاع الحرارة    140 حديقة تواصل استقبال المواطنين رابع أيام عيد الأضحى المبارك في أسوان    خروج مصابي حادث التسمم إثر تناول وجبة طعام بمطعم بالمنيا بعد تماثلهم للشفاء    أسماء مصطفى تكتب: بعثة حج القرعة رفعت شعار "حج بلا معاناة في رحلة الإيمان والتجرد"    لتأجيل تصويت حل الكنيست.. حكومة نتنياهو تطرح عشرات مشاريع القوانين    فيلم سيكو سيكو يستمر في حصد عيدية الجمهور بمنافسات ثالث أيام عيد الأضحى    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    الصحة: فحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن مبادرة العناية بصحة الأم والجنين    اعتماد كامل لمجمع العيادات الخارجية لأطفال أبو الريش بمستشفيات جامعة القاهرة من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    ريال مدريد يفكر في طلب ألونسو.. بعد كأس العالم للأندية    قانون العمل الجديد.. ضمانات شاملة وحقوق موسعة للعاملين فى القطاع الخاص    توتر بين عائلة العندليب و«موازين» بعد إعلان حفل بتقنية الهولوجرام    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    «تاريخ ساحر مليء بالأسرار».. إطلاق الفيديو الترويجي الأول للمتحف الكبير قبل الافتتاح الرسمي    آخر أيام إجازة عيد الأضحى.. غدا الوزارات والمصالح الحكومية تستأنف العمل    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    مصرع عنصرين إجراميين شديدي الخطورة في تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بقنا    "التعليم العالي" تعلن حصاد أداء الأنشطة الرياضية خلال العام المالي 2024 -2025    الصحة: فحص 3.6 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة "فحص المقبلين على الزواج"    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    شيرين عبدالوهاب تحل محل ماجدة الرومي في حفل ختام مهرجان موازين    مكافأة للمتميزين وإحالة المتغيبين للتحقيق فى مستشفى المراغة بسوهاج    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    تراجع أسعار الذهب مع آمال التوصل لاتفاق تجاري بين أمريكا والصين    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    رئيس الوزراء المجري: لا يمكن لأوكرانيا الانضمام للناتو أوالاتحاد الأوروبي    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    "لن يعود حيا" .."أبو عبيدة" يكشف محاصرة الاحتلال لمكان تواجد أسير إسرائيلي    ضحى بحياته لإنقاذ المدينة.. مدير مصنع "يوتوبيا فارما" يتبرع بنصف مليون جنيه لأسرة سائق العاشر من رمضان    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    تريزيجيه يضع بصمته الأولى مع الأهلي ويسجّل هدف التعادل أمام باتشوكا.    فضيلة الإمام الأكبر    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى بورسعيد
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 02 - 2012

لم يكن السفر إلى بورسعيد بقدرتى ومع ذلك كان مستحيلاً ألا أفعل، حذرنى بعضهم من المخاطر، وحذرنى بعضهم من أنه مجهد صحيا، وحذرنى آخرون من أن الزيارة قد لا تكون مفهومة فى هذا التوقيت، ولكننى حسمت أمرى، ورأيت أنه لابد من السفر، وأخذت أستعد له، وكنت أستعيد فى ذهنى بعض ما قرأته فى صحف الصباح، وكان أكثر ما أثر فى أننى قرأت أن جلال عامر فى المستشفى، أنا لا أعرف جلال عامر شخصيا، ولم ألتق به ولا مرة واحدة، لكننى أعجبت به إعجابا هائلا، ما يكتبه أحيانا كان احتفالية فى بيتنا، فكنت أقرؤه بصوت عال ومن حولى يضحكون أو يعلقون، كاتب من الكتاب الساخرين رأيت أن القوس الذى يجمعهم محمد عفيفى فى البداية وجلال عامر فى النهاية، سألنى أحدهم: من محمد عفيفى؟! قلت له وصدرى يضيق: أجمل وأعذب من كتب ساخراً، وكان أديبا وليس باحثا عن السخرية على أنها نوع من الكتابة المتفردة، أو أنها مساحة للهجوم أو تصفية الحسابات أو تخويف بعض الصغار أو حتى بعض الكبار! وكنت قد فكرت أن أسعى للاتصال بجلال عامر لأبدى له إعجابى، ولم أجد وسيلة لذلك، فأجلت ذلك إلى لقاء بالصدفة حسب المثل الذى «يقول مسير الحى يتلاقى!» وما أكثر ما نخدع أنفسنا، وقلت لنفسى: دعك من الأمثال القديمة، وقررت أن أسأل بطريقة أكثر جدية عن تليفونه لأطمئن عليه، وأنا أفكر فى ذلك سمعت صرخة جعلتنى أندفع إلى زوجتى لأسمعها تقول لى: جلال عامر مات! هذا الرجل الرائع الذى عشنا معه لحظات الضحك والبسمة مع العقل والموقف!
يا له من يوم!
عرفت أن كثيرين من الأدباء والفنانين سيذهبون إلى بورسعيد لمساندتها فى محنتها، ومحنتها ببساطة هى اتهامها بمذبحة الكرة دون دليل ولا مناقشة ولا محاكمة، وقد صدر الحكم بعقاب المدينة العظيمة بظلم غير مبرر، قال لى أحدهم أن قريبة له تذهب فى مواعيد دورية إلى مستشفى بالقاهرة لتأخذ إشعاعا ليعالج السرطان.. وأخذت تاكسى كعادتها، ووصل التاكسى إلى منتصف الطريق ليواجه مجموعة من السائقين وغيرهم يقفون فى طريق التاكسى، ويطالبونه بالعودة أو تدميره، وعاد التاكسى بسائقه الذى فضل أن يخسر الأجرة على أن يخسر السيارة، والمريضة التى لم تدرك أسباب العقاب حتى الآن.
وكان أول من قابلت محمد مهران أحد أبطال حرب 1956، والذى أسر آنئذ وقامت القوات البريطانية بنقله إلى قبرص لتجرى عملية جراحية تنقل بها بصره إلى ضابط إنجليزى، وكانت جريمة أخلاقية هائلة، حتى إن خطيبة الضابط الإنجليزى عندما عرفت بما حدث تخلت عنه، وأن هذا الضابط دفعه الفضول أو ربما تأنيب الضمير إلى السفر حتى بورسعيد حيث كان مهران يعمل مديرا للمتحف الحربى بقرار من جمال عبدالناصر، لكن شجاعة الضابط السابق خانته فانسحب من المتحف قبل مقابلته.
قلت لمهران: ماذا يحدث يا حاج فى بورسعيد؟ فربت على كأننى طفل خائف: لا تقلق، كل هذا طبيعى، ما حدث فى الاستاد مؤامرة، هذا طبيعى، هل تتوقع من الذين يسرقون مصر وهم يكرهونها ألا يقتلوا أبناءها، لكننا لن نتركهم يفعلون، علينا أن نطاردهم ونجدهم ونحاكمهم، ولا نستسلم لليأس كما فعلنا مرات وخسرنا الكثير.
قال أحدهم: لكن بعضهم يريد عقاب بورسعيد.
قاطعه مهران: لا أحد يستطيع عقاب بورسعيد، لأن بورسعيد هى مصر، ومصر لا تعاقب نفسها، ولسنا أغبياء لكى لا نرى المؤامرة، قضينا ساعات فى ميدان الشهداء وكانت قناة «الحياة» تجرى لقاءات بدأت ببعض أبطال بورسعيد وشعرائها، وكان الزحام شديدا رغم برودة الجو.
ودارت أحاديث كثيرة، وحكيت قصص تدمى القلب، ولكننى أترك ذلك كله لأحدثكم بما سمعته، وربما خفف على ما أحسه، فلقد سمعت خلفى - ونحن جالسون - صوتا يقول لأحد أفراد الإعداد: لا يمكن أن تأتوا إلى بورسعيد وتتجاهلوا الأستاذ «...» يجب أن يظهر فى التليفزيون ويتكلم، تعجبت قليلا من هذا الذى يلح ليظهر فى التليفزيون، وتدخل صوت آخر أدركت فوراً أنه الرجل الذى يسعى للظهور: كفى يا فلان.. ودعنى أشرح للأستاذة الموقف، فهى لا تدرك خطورته، أنا يا أستاذة: وأعوذ بالله من كلمة أنا.. بصراحة وأكشف لك ذلك لأول مرة.. أنا مرشح محتمل للرئاسة، وأنا لا أسعى إلى الرئاسة لمجرد الشهرة، ولكن لأن لدى برنامجا لابد من شرحه، ولعلمك زملائى وأصدقائى قاموا بدراسات انتهوا فيها إلى أن فرصتى أكبر من عمرو موسى وحمدين صباحى والعوا وعبدالمنعم أبوالفتوح، ولو تحقق هذا، وأنا متأكد أنه سيتحقق، فمعناه أنك خسرت مقابلة مهمة مع الرئيس المحتمل الذى سيكون رئيسا أكيدا، وتكون القناة أيضا خسرت هذه المقابلة، ولن تباهى بالمقابلة الحصرية.
بالطبع كان فريق الإعداد يناقش الرجل ويقاطعه، ويؤكدون له أن لديهم برنامجا محددا عليهم الالتزام به، لكنه كان طول الوقت قلقا عليهم لأنهم لن يقدموه فى لقاء حصرى!!
أظن أن «الرئيس المحتمل» سيكون أحد أبطال الأعمال الكوميدية فى السنوات القادمة.
وعدنا إلى الأحاديث الصعبة..
هل صرنا فى حرب تديرها الكلمات فإذا قال شخص - حتى لو كان مجهولا - كلمة أطلقنا الطلقات، ورفعنا الأسلحة البيضاء، وحاصرنا المدن؟ هكذا سألنى أحدهم.. قلت: فى رأيى، وأرجو ألا تأخذوا برأيى، أن مصر التى كانت تملك نخبة رفيعة المستوى ثقافيا، أخذت تفقد ثقافتها خلال الأربعين عاما الماضية، وبالتالى فقدت دورها الطلعى، وإذا فقدت النخبة الثقافة فقدها العامة بالطبع، العقل غاب فى معظم الأحيان، المنطق غاب، نسمع يوميا ما يجعلنا نضرب كفا بكف، نرى من الأحداث ما يجعلنا نظن أنه «كارتون» لولا أن الدماء تسيل منه، يصرخ أحدهم برأى يريد منا اتباعه، دون أن يفكر لحظة فيما قال!
وفى النهاية عدت من بورسعيد، كنت متعبًا وقلقًا وغاضبًا، ومع ذلك كنت متفائلاً.. تصوروا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.