إن استجابة فصائل المعارضة وجبهة الإنقاذ الوطني للمشاركة في الاستفتاء علي الدستور هو عمل وطني بكل المقاييس الديمقراطية شجع جموع الشعب علي الخروج في طوابير هائلة للمشاركة في الاستفتاء الذي تم بأسلوب غير تقليدي طبقا للكشوف الانتخابية والرقم القومي بنفس اللجان الانتخابية بالانتخابات الرئاسية واستمرت فيه الانتخابات إلي الساعة الحادية عشرة وتجلت فيها وطنية المرأة المصرية بنسبة مشاركتها العالية التي فاقت نسبة الرجال في المشاركة بهذه التجربة الديمقراطية الرائدة والعملاقة التي أبهرت العالم . النتائج الأولية للمرحلة الأولي أشارت إلي نسبة 56٪ "نعم" , 44٪ "لا" وإن كانت هذه النسبة إنقسامية لاتلبي طموحات الشعب في الدستور ولكن هذه هي الديمقراطية بعد ثورتنا الربانية المباركة. فإذا ما تغيرت النتيجة النهائية بعد المرحلة الثانية إلي العكس وتفوقت "لا" عن هذا الدستور فهذا يستوجب دعوة الرئيس مرسي لانتخاب لجنة تأسيسية جديدة لوضع دستور توافقي جديد وبلجنة تأسيسية جديدة . فالشعب يريد دستوراً توافقياً يلبي طموحات غالبية الشعب المصري بعد الثورة ويحقق توافقا بدرجة ممتاز أو جيد جداّ علي الاقل وليس بدستور يمر بدرجة مقبول وإلا سيكون عمره قصيرا. وأما اذا استمرت مؤشرات المرحلة الاولي كما هي بعد المرحلة الثانية بأغلبية نعم ولو بنسبة 60٪ للدستور تدعيما للسلطة من أجل الاستقرار فلابد من الاعتراف بهذه النتيجة احتراما لشرعية الصناديق وكلمة غالبية الناخبين من الشعب. وهنا يجب الدعوة لعقد مؤتمر وطني للمصالحة الشعبية لتنقية هذا الدستور الانقسامي من بعض المواد المعترض عليها مثل مادة استمرار مجلس الشوري الذي يكلف الدولة مبالغ طائلة دون عائد تشريعي وكذلك مادة بقاء نسبة ال50٪ للعمال والفلاحين علي الأقل بالمجالس المحلية والنيابة واستغلال هذه الصفة بمثابة أبواب خلفية وكباري علوية لعبور رجال الأعمال ولواءات الشرطة وغيرهم بهذه الصفة الي المجالس النيابية وهذا يهدر حقوق العمال والفلاحين كأهم فئة إنتاجية بالمجتمع وغير ذلك من بعض المواد المعترض عليها مثل عدم النص علي حد اقصي للإجور وخلافه . إن مثل هذه التعديلات الدستورية التي تلبي مطالب نصف المجتمع ستحول الدستور الانقسامي الي دستور توافقي يوحد بين من قالوا نعم ومن قالوا لا، وينهي حالات الجدل السياسي الحالي ويزيل الاثار المدمرة لاستفتاء المجلس العسكري في 19 مارس الذي أطلق عليه استفتاء الجنة والنار والذي شق وحدة صفوف الثورة لتبدأ مرحلة دستورية جديدة تتحقق فيها المصالحة الوطنية المنشودة لاستقرار الوطن والتوجه للتنمية والإنتاج. لكل ذلك أؤكد أن الدعوة لعقد مؤتمر وطني للمصالحة الشعبية أصبح ضرورة ملحة في بداية هذه المرحلة الدستورية علي غرار المؤتمر الوطني للقوي الشعبية الذي دعا إليه الرئيس عبد الناصر بجامعة القاهرة في 21 مايو 1962 لرأب الصدع الذي أصاب الأمة بعد نكسة الوحدة والانفصال السوري عن مصر وهي التجربة التي عشتها عن قرب حيث كان لي شرف الاشتراك في عضوية هذا المؤتمر ممثلا لاتحاد طلاب جامعة القاهرة والتحدث في أولي جلسات المناقشة أمام الرئيس جمال عبد الناصر وأمانة السيد كمال الدين حسين والرئيس أنور السادات وتعرضت في كلمتي لمشاكل شباب الطلبة والفلاحين بموطني بالريف بقرية خربتا بحيرة فكنت أول من قام بتعريف العامل والفلاح في مناقشتي للميثاق حول استثناء تخصيص نسبة 50٪ للعمال والفلاحين بعضوية المجالس النيابة والمحلية والتي مازالت في محل جدل سياسي حتي اليوم لعدم جدوي الهدف الذي وضعت من أجله والتي كان يجب إستبدالها بنسبة 50٪ للحاصلين علي مؤهلات عليا وهي تشمل مختلف الفئات الشعبية وكما جاء بكلمتي أمام المؤتمر الوطني التي علق عليها الرئيس عبد الناصر لأكثر من نصف الساعة لشرح وجهة نظره وسبب وضع هذه النسبة بالميثاق وترك تعريف العامل والفلاح لاعضاء المؤتمر. ولكن للأسف تم التمسك بوضع نسبة ال 50٪ المستثناة للعمال والفلاحين والتمسك بها في جميع الدساتير بعد ذلك وحتي يومنا هذا وكأنها أصنام مقدسة لايجوز الاقتراب منها والعياذ بالله . وكانت هذه شهادة حق لابد منها فكان لزاما علي أن أسجلها وأذكرها أمانة لله وللوطن وللتاريخ