الصيادون: غلاء التراخيص .. وورد النيل .. وصيد الزريعة وراء نقص الانتاج من المسئول عن تراجع الانتاج المحلي للثروة السمكية وغزوالاسماك المجمدة للاسواق المصرية بداية من اسواق القاهرة وحتي اسواق المدن الساحلية ؟ وهل تصبح مصر التي تطل علي البحر المتوسط والبحر الاحمر ويتوسطها نهر النيل دولة مستوردة للاسماك رغم ان انتاجها المحلي مليون و200 الف طن سنويا ؟.. فعلي الرغم من تأكيدات الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية أن ثروة مصر السمكية تضاعفت في السنوات الاخيرة ما يقرب من خمس مرات الا ان الواقع ينفي ذلك ف70٪ من الاسماك المتواجدة في الاسواق صينية بداية من البلطي الصيني مرورا بالماكريل والسالمون والسردين نهاية الي الجمبري.. تحقيقات " الاخبار " انتقلت الي محافظتي دمياط وبورسعيد للبحث عن اسباب تراجع انتاج الثروة السمكية في مصر ورصدت انتشار الاسماك المستوردة في اسواقهما . فالصيادون اكدوا ان تراجع الانتاج جاء نتيجة زيادة نسبة الصيد الجائر" الزريعة " وهي الأسماك الصغيرة المحظورالاقتراب منها حفاظًا علي الثروة السمكية والتي يتم صيدها وتهريبها بشكل غير قانوني وكذلك ارتفاع نسبة التلوث بالبحر المتوسط وتقلص مساحات البحيرات وتلوثها واستمرارعمليات الصرف الصناعي في المياه وارتفاع تكاليف التراخيص.. البداية كانت من طريق بورسعيد دمياط وتحديدا من بحيرة المنزلة التي اكد الصيادون بها ان مساحتها تقلصت من 700 الف فدان الي 100 الف فدان فقط مؤكدين ان الصالح فيها للصيد30 الف فدان من خلال منطقتين هي " القبوطي " ببورسعيد وغيط النصاري بمحافظة دمياط. تحقيقات " الاخبار " حاورت الصيادين ووجهت لهم السؤال لماذا انتشرت الاسماك المستوردة في اسواق المدن الساحلية ؟ وهل تراجع الانتاج المحلي ؟ ام ان زيادة الطلب علي المعروض هي التي خلقت الازمة؟ فيقول محمد عبد الهادي "صياد ببحيرة المنزلة "- 64 عاما - ان الانتاج في البحيرة يتراجع يوما بعد يوم بسبب الصيد الجائر للاسماك الصغيرة " الزريعة " والتي يتم بيعها للمزارع السمكية التي يقبل عليها اصحاب هذه المزارع لانها تعتبر العامل الرئيسي للمزارع حيث يتم صيدها قبل اكتمال نموها مما يؤدي الي القضاء علي »أمهات« الأسماك مما يؤثر علي الأجيال المقبلة منها. التراخيص نار ويضيف احمد عبد العال- 75 عاما- انه يعمل كصياد منذ 26 عاما مؤكدا انه تقدم الي جمعية الثروة السمكية من اجل الحصول علي رخصة شراء مركب صيد تكلفت 10 الاف جنيه بالاضافة الي 5 الاف جنيه مضيفا انه اشتري من الجمعيه شباك الصيد بنحو16 الف جنيه بالتقسيط وبفوائد تقدر ما بين 5 الي 7٪ ولكن خلال العامين السابقين قلّ انتاج البحيرة من الاسماك بشكل كبير ولم يعد هناك انتاج يذكر من الاسماك في البحيرة مؤكدا انه تقدم بشكوي الي المحافظة ولكن دون فائدة واخذت الاعباء تتراكم عليه مقابل دخل منخفض بسبب انخفاض انتاج البحيرة من الاسماك مما جعله يبيع المركب الخاص به ويعمل باليومية ويضيف مندي احمد انه يعمل صياداً منذ التاسعة من عمره ورث المهنة عن والده الذي يمتلك مركب صيد مضيفا انه كان يعمل علي المركب ومعه 4 افراد اخرون كل منهم وراءه بيت واسرة ولكنه اضطر الي بيع المركب نظراً لسوء احوال الصيد في البحيره حالياً واصبح الرزق ضيقاً علينا جميعاً مشيرا إلي ان نصيب الفرد الذي يعمل علي هذا المركب 80 جنيهاً يومياً منذ عدة سنوات ولكن مع تراجع الدخل وزياده اعباء المركب تراكمت الديون وقررت بيع المركب ورخصته والان اعمل باليومية علي مركب اخر. لقمة العيش ويشير عبد الجليل محمود 63 عاماً "صياد" إلي أن البحيرة نضبت من الأسماك وأن هناك صيادين كثيرين يقومون ببيع رخصة المركب حتي يعيشوا بثمنها وأنه يحصل علي معاش 180 جنيهاً وله علاج شهري يقدَّر بأكثر من 500 جنيه بخلاف الطعام والشراب مضيفا انه يطالب المسئولين بمراعاة الصيادين الذين ليس لهم حول ولا قوة.. ورفع معاش الصيادين ليواكب ظروف المعيشة الغالية جداً مؤكدا أصحاب المراكب يخاطرون بحياتهم وأموالهم للاصطياد من ليبيا وتونس ومالطا وإريتريا والصومال حتي يجدوا الأسماك ويتعرضون لطلقات نارية من حرس السواحل بليبيا والدول الأخري. الورد النيلي ومن نار التراخيص التي اصابت الصيادين ومافيا الزريعة يشير محمود عبد الكريم "صياد " الي مشكلة اخري والتي يراها من اكبر المشكلات التي تواجه الصيادين في المنزلة وهي انتشار الورد النيلي الذي يؤدي الي إعاقة الصيد في المنطقة مضيفا ان غلق البواغيز التي تدخل اسماكا جديدة الي البحيرة يقلل من حجم الثروة السمكية الموجودة بالاضافة الي احتكار الصيادين الكبار الصيد من خلال سيطرتهم علي اعداد كبيرة من المراكب والسيطرة علي بعض التراخيص موضحا ان الصياد اصبح الان عاملا علي مركب بدلا من صاحب مركب وبالتالي احتكر ثلاثة اشخاص بحيرة المنزلة. ثم انتقلت بعد ذلك تحقيقات " الاخبار " الي مدينة دمياط وتحديدا مدينة عزبة البرج والتي تمتلك 65٪ من اسطول الصيد بمصرحيث يوجد بها أكبر ترسانة بحرية لبناء السفن ومراكب الصيد في مصر يعمل أكثر من 80 ٪ من أبنائها بحرفة الصيد ومشتقاتها توزع إنتاجها من صيد الأسماك علي جميع محافظات مصر وتصدر كميات كبيرة إلي الأسواق الأوروبية والعربية يواجه صيادوعزبة البرج مشاكل لا تحصي ولا تعد بسبب كثرة الخلافات مع جمعية صائدي الأسماك من جانب ومن تعنت بنك التنمية والائتمان الزراعي من جانب آخر بخلاف مشاكل الصيادين مع الثروة السمكية. عين الشبكة أكد الصيادون أن هناك العديد من المشكلات التي اذا لم تنته ستقع كارثة حقيقية تهدد أسطول الصيد في مصر بالتوقف وتشريد آلاف الصيادين الذين يعيشون علي هذه الحرفة بالاضافة الي نقص شديد في الانتاج المحلي فيقول احمد غانم ان كلمة السر تكمن في "عين الشبكة " موضحا ان الصيد الجائر يتوقف علي عين الشبكة فهناك شباك قانونية والتي تسمي »ماجا 8« أما غير القانونية فتسمي »ماجا 12« وتكون فيها عين الشباك ضيقة وبالتالي تصطاد الأسماك الصغيرة. وأضاف: الطول والحجم الطبيعي للسمكة يصل إلي »25 سم« و وزنها حوالي نصف كيلوأوأقل. أما الأسماك الصغيرة التي تصطادها الشباك غير القانونية فلا يتعدي طولها ال10 سم ولم »تبخ« البيض الموجود بها. 70٪ مستورد ويشير احمد ابوالعلا - تاجر - إلي ان الدولة اذا لم تهتم بتنمية الثروة السمكية في الفترة المقبلة ستشهد مصر أزمة داخل سوق الأسماك في حالة رفض الدول المصدرة للأسماك توريدها إلي مصر خوفا من نقص الثروة لديهم كما حدث في أزمة القمح الروسي مؤكدا ان 20٪ من الأسماك الموجودة داخل الأسواق هي انتاج المزارع السمكية مشيرا الي ان 10٪ فقط هي الإنتاج المحلي من الأسماك . ثم بعد ذلك انتقلنا الي سوق الاسماك بمدينة دمياط للتعرف علي اسباب انتشار الاسماك المجمدة بها فالتقينا بمحمد عبده "تاجر" والذي اشار إلي أن الزبون مضطر لشراء الأسماك المجمدة نظراً لقلة الأسماك البلدي داخل البحر وأصبحت الأسماك المجمدة هي سيدة الموقف وتتعدد أنواعها وأسعارها وبلادها. فهي تأتي من مختلف بلاد العالم ونفضل شراء الأسماك السعودي والهندي واليمني لأنها الأقرب للبلدي. غش الاسماك ويضيف عادل اكمل "تاجر" ان زيادة الطلب علي الأسماك المجمدة والمستوردة في الأسواق ارتفع في الفترة الاخيرة بسبب قلة وارتفاع أسعار الأسماك الطازجة حيث لجأ التجار إلي حيلة غريبة وهي شراء كميات كبيرة من الأسماك المجمدة وبيعها في الأسواق علي أنها أسماك طازجة خاصة أسماك الجمبري والكابوريا حيث يقوم تجار الأسماك بوضعها في المياه المغلية لتغير لونها وخداع المستهلك بأنها طازجة جداً إلي جانب الطرق التقليدية المتعارف عليها وهي صبغة أسماك غير معروفة باللون البرتقالي والروز لإيهام المستهلك بأنها أسماك الباربون والمرجان وبيعها بأسعار مرتفعة. ويؤكد اكمل أنه يمكن في ظل هذا الغش التجاري الذي يتعرض له المستهلك خاصة مع ارتفاع أسعار الأسماك أن يتعرف المستهلك علي الأسماك الطازجة وذلك بأن يتأكد من أن هذه السمكة مظهرها سليم ونظيف ولها عينان براقتان وخياشيمها حمراء وليس لها رائحة مميزة.. صنف مثل »السردين« إلي جانب أن تكون السمكة قشورها صلبة وأن يكون الجسم والجلد متماسكين وإذا تم الضغط علي الجسم بأصابع الإبهام لا يتهشم ولا ينسلخ الجلد وعند رفع الإبهام لا يري له أثرا علي جسم السمكة. تحقيقات " الاخبار " تطرح السؤال ماذا بعد تراجع الانتاج ؟ فهل تترك الحكومة المواطن البسيط في شبكة الصيادين والتجار ؟ ام ستتحرك لتقضي علي مشاكل بحيرة المنزلة وعزبة البرج.. اعتقد ان الاجابة ستطرحها سطور تحقيقات " الاخبار" القادمة مع الصيادين. اقبال محدود علي شراء الأسماك المحلية الاسماك المستوردة تغزو الأسواق المصرية