عبدالقادر شهيب ما أبعد الليلة عن البارحة!.. الليلة لم تعد تشبه البارحة.. واليوم صار يختلف عن الأمس! هذا ما نقرأه بوضوح للمواقف الدولية والعالمية تجاه الحديث السياسي الأهم الذي تشهده مصر حاليا، وهو الاستفتاء علي الدستور الجديد، أو ثاني استفتاء يتم في البلاد بعد الاطاحة بنظام مبارك. البارحة في مارس 1102 تابع العالم بإعجاب ممزوج بالانبهار الاستفتاء الأول الذي تم علي التعديلات الدستورية.. كان العالم معجبا بحالة الحماس والتفاؤل الذي كان يشعر به المصريون وهم يشاركون بكثافة لم تشهدها مصر من قبل في كل الاستفتاءات والانتخابات التي جرت فيها علي مدي عدة عقود سابقة. أما الليلة فقد حل مكان الأعجاب الدولي والانبهار العالمي قلقا وتخوفا تجاه الاستفتاء علي الدستور المصري الجديد.. هذا ما تنطق به بوضوح التصريحات الرسمية لمسئولين أمريكيين وأوربيين، وما كتبته وتناقلته صحف ووسائل إعلام أوربية أو أمريكية. ولاشك ان اختلاف المناخ الذي تم فيه استفتاء مارس 1102 عن المناخ الذي يتم فيه استفتاء ديسمبر 2102 يعد سببا لهذا التباين في المواقف الدولية وردود الفعل العالمية حول الاستفتاءين. فقد تم استفتاء مارس 1102 والفرصة للتخلص من النظام السابق كانت تسيطر وقتها علي المصريين، والامل لديهم في انتهاء كل متاعبهم والتخلص من كل مشاكلهم كان مزدهرا، بل يصل الي عنان السماء.. ولذلك استقبل العالم بإعجاب وانبهار هذا الاستفتاء، وطغت صورة الطوابير التي امتدت لمسافات بعيدة للمصريين الذين ذهبوا للمشاركة في الاستفتاء علي صور محاولات التأثير من خلال الدين علي عملية التصويت والتأثير علي ارادة الناخبين. أما استفتاء ديسمبر 2102 فقد سبقه ارتفاع كبير جدا في درجة الاضطراب السياسي الذي تعيشه البلاد مع بداية المرحلة الانتقالية، ووقوع عمليات عنف مدبرة وليست عشوائية سالت فيها مجددا دماء لشبابنا، وطال فيها انقسام البلاد بشكل بات يهدد ليس استقرارها السياسي فقط وانما حتي وحدتها الوطنية، التي ظللنا نتباهي بها قرونا طويلة منذ ان وحد مينا القطرين. لكن اللافت للانتباه أن ذلك ليس وحده هو سبب القلق الدولي والتخوف العالمي الذي يصاحب الآن الاستفتاء علي الدستور المصري.. فان تحليل مضمون التصريحات الرسمية والكتابات الصحفية والمتابعات الاعلامية في هذا الصدد يكشف ان السبب الاكبر لهذا القلق والتخوف العالمي يتركز علي ما سوف تشهده مصر بعد الانتهاء من هذا الاستفتاء بغض النظر عن نتيجته بنعم أم لا.. التخوف واضح من زيادة حالة الاضطراب السياسي والانقسام المجتمعي، وبالتالي زيادة الأزمة الاقتصادية.