المعارضون للدستور الجديد قرروا مقاطعة الاستفتاء عليه المحدد له بقرار جمهوري يوم 15ديسمبر الحالي. حقيقة أن قرار المقاطعة لم يصدر بصفة نهائية حتي الآن، لكن أصحابه يؤكدون الدعوة إليه والإصرار عليه أملاً منهم في نيل موافقة كل القوي السياسية الرافضة لتمرير هذا الدستور. لست مع مقاطعة الاستفتاء، رغم اعتراضي علي الدستور الذي أري أنه يعبر عن فصيل واحد من المجتمع، وليس باقي فصائله. الاستفتاء كمبدأ لا خلاف عليه. فهو وسيلة ديمقراطية رائعة لاستطلاع رأي الشعب في قرارات، وقوانين حكومية لا يجوز الأخذ بها في غياب رأي المواطنين. أمامنا دولة ديمقراطية سويسرا التي تلجأ إلي الاستفتاء العام بالنسبة لقرارات تشمل كل الولايات أو الاستفتاء المحلي لقرار حكومة مقاطعة واحدة أو عدد من المقاطعات. وفي الحالتين فإن قبول القرار أو رفضه يعتمد أولاً وأخيراً علي نتيجة استفتاء المواطنين عليه. هذه المباديء كلها، وغيرها، ليست خافية علي المعارضين للدستور والداعين إلي مقاطعة الاستفتاء عليه. فمن رأيهم أن ما يحدث في الدول الديمقراطية سويسرا، وغيرها لضمان شفافية الانتخابات والاستفتاءات لم ولن يتحقق في مصر ولا في باقي عشرات الدول المماثلة لها في عالمنا الثالث. فتجاربنا السابقة علي امتداد العقود الطويلة الماضية أثبتت افتقادها لتلك الشفافية المرة بعد الأخري. وحتي الانتخابات التي أجريت بعد ثورة 25يناير والتي شهدت إقبالاً غير مسبوق من المواطنين وأشاد المراقبون الأجانب بشفافيتها وسلامتها، سرعان ما شككنا فيها ورفعت دعاوي قضائية تطالب بإلغاء نتائجها علي خلفية اتهامات بالتزوير في نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية(..). ومن السهل والأمر هكذا التنبؤ بما سيحدث لو صمم الرئيس مرسي، من جهة، علي الإعلان الدستوري والاستفتاء علي الدستور الجديد مع تصميم القوي السياسية والشعبية المعارضة، من جهة أخري، علي مقاطعة الاستفتاء لتأتي نتيجته فاقدة للشرعية بعد امتناع الأغلبية عن المشاركة فيه. لست مستطلعاً للغيب، وإنما مجرد قاريء متابع لما جري في دولة الكويت الشقيقة خلال الأيام القليلة الماضية، بدءا بحل مجلس الأمة والدعوة إلي انتخابات جديدة، مرورا علي تغيير في قانون الانتخاب، ومقاطعة المعارضة الانتخابات، وصولاً إلي نتائجها التي غاب عنها معظم ممثلي القوي السياسية والدينية المعارضة. حقيقة أن أسباب ومبررات المقاطعة تختلف تماما عن أسباب ومبررات المقاطعة المصرية، لكن حقيقة أيضاً أن المقاطعة سلاح المعارضة في حربها ضد النظام كان واحداً.. هناك وهنا. رد فعل المقاطعين الكويتيين جاء متوقعاً.. وهو نفسه الذي نتوقعه وننتظره من المقاطعين المصريين. .. وأتابع غداً.