عبدالقادر شهيب تتخلص البلاد مما تعانيه من اضطراب سياسي بعد الانتهاء من عملية الاستفتاء علي الدستور، رغم معارضة القوي السياسية المدنية؟ هذا ما يأمل فيه ويراهن عليه الذين أيدوا الإعلان الدستوري الجديد وتحمسوا لمشروع الدستور الجديد ويعللون ذلك بأن اقرار هذا الدستور سينهي المرحلة الانتقالية التي نعيش فيها، خاصة انه سوف يعقب الدستور انتخاب برلمان جديد، ليستقر بعدها وضع السلطات الثلاث الأساسية، التنفيذية والتشريعية ومعهما السلطة القضائية. لكن ما حدث خلال الشهور القليلة الماضية لا يؤكد إمكانية ادراك هذه الأماني أو نجاح هذا الرهان. مبكرا جدا وبعد أسابيع قليلة من تنحي مبارك كان هذا ما تمناه وراهن عليه عدد منا، بإتمام الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، وذلك في ظل مشاركة واسعة لم تحدث من قبل في الاستفتاءات والانتخابات، وبعد ان ظفرت هذه التعديلات بموافقة ثلاثة أرباع المشاركين في الاستفتاء.. لكن استمر الأضطراب السياسي. ثم تكرر الأمر بعد الاصرار علي اقامة الانتخابات البرلمانية في الموعد الذي حدد لها، خاصة انه لم يصاحبها عنف دام كنا نخشاه.. ولكن استمر وتصاعد الاضطراب السياسي! وتكرر الأمر ثانية مع الانتخابات الرئاسية التي تمني كثيرون منا ان تكون خاتمة لحالة الاضطراب السياسي التي تعاني منها البلاد.. ولكن لم تتحقق هذه الأمنيات. ولقد كان السبب دائما ان كل خطوة لنا خلال المرحلة الانتقالية لم تحقق الحد الأدني من التوافق عليها.. لذلك لم تتخلص من الاضطراب السياسي.. كنا دائما نهرب إلي الأمام بدلا من ان نتوقف بعض الوقت لنسعي لحسر خلافات حول ما نقوم به، والتوصل إلي حد أدني من التوافق المطلوب والذي لا غني عنه لانجاز المرحلة الانتقالية. وهكذا إذا مضينا قدما بذات النهج، أي المعني في اتمام الاستفتاء في ظل رفض كل القوي السياسية المدنية، فليس مضمونا ان تتحقق أماني الذين يأملون في الاستقرار السياسي.. الأضطراب السياسي سوف يستمر ويتسع. هذا أمر ليس في مصلحة احد.. الحكام قبل المحكومين لان معناه ان نظل أسري لمشاكلنا، خاصة الاقتصادية، بل وان تزداد وتتفاقم هذه المشاكل، لانه في ظل الاضطراب السياسي سوف يتردد السائحون في زيارتنا وسوف يهجرنا المستثمرون الاجانب.. وكل ذلك بسبب الاصرار علي عدم التوافق.