لم تعد المدرسة مدرسة تربية وتعليم.. ولن تعود إلا إذا استعادت وظيفتها الأساسية من وجهة نظري وهي التربية قبل التعليم، فماالذي ننتظر أن نجنيه من وراء طالب تعلم تهجئة الحروف، ولم يتعلم أصول التربية، ولا مبادئ الأخلاق ولا أصول الأديان.. إننا هنا نكون بصدد آلة بشرية همجية لاتجيد استخدام العلم إلا كأداة يتم تطويعها لدعم الشر، ونواة لهدم مقومات الحضارة! ومن المؤسف أن داء العنف وداء الهمجية وداء الغوغائية الذين كانوا يعالجون في المدارس وحدها.. صاروا يمثلون الأضلاع الثلاثة لمثلث انعدام القدوة والتربية الغائبة عن مدارسنا، مثلث يساهم في رسم أضلاعه بإصرار ملفت كل من أولياء الأمور والمعلمون وللعجب الطلاب أنفسهم.. ولتكتمل حلقة فساد وإفساد مناخ العملية التعليمية داخل أسوار مدارسنا التي فقدت روحها الإنسانية ومذاهبها الأخلاقية علي عتبة البلطجة التي احتكرت أسلوب التعاملات داخل أسوار المدرسة وخارجها أيضا! وحتي لانثقل كاهل وزير التربية والتعليم الجاد جدا د. أحمد زكي بدر والراغب حقا في إعادة أخلاقيات التعليم، فإن علينا أن نعترف أن هذه الظاهرة قد بدأت بالفعل منذ سنوات عديدة، وتمت محاولة معالجتها، وتحديد أسبابها لوقف استشرائها السرطاني في مدارسنا.. ولكن لأننا اعتدنا أن ننتظر لحظة حدوث الانفجارات، فقد تفشي أمر البلطجة المدرسية، كما تفشت البلطجة المجتمعية، وجاء الأمر امتدادا طبيعيا للأسلوب الذي اعتمده الجميع للحصول علي الحقوق المشروعة وغير المشروعة سواء علي مستوي الشارع أو المال أو السياسة أو الاقتصاد أو حتي السينما! ومن هنا فإن الظاهرة المؤسفة التي أصبحنا نشاهدها سواء ضرب المدرسين للطلاب والتسبب في عاهات دائمة لهم، أو لاقتحام الأهالي للمدارس وضرب النظار والمعلمين وسحل الطلاب بدعوي تعرض ذويهم لظلم أواعتداء ظاهرة يجب وقفها.. فالمدرسون لا ينبغي أن يتحولوا لجلادين إن أخطأ الطلاب، ولا الأهل ينبغي أن يشكلوا كتائب انتقام لمحاكمة المدرسين، وإلا صارت الفوضي عارمة، وعلي المدرسة أيضا أن ترفض سلوك البلطجة داخلها ولاتسمح لمدرس أن تمتد يداه لضرب طالب أو طالبة ضربا ينتزع عنه آدميته أمام زملائه وزميلاته ، ويجلب له العار باقي العمر وهو ماحدث للشاب باسم علي مصطفي الطالب بالصف الثالث الثانوي بمدرسة أحمد عرابي الثانوية المشتركة بالهايكستب.. والذي انقض عليه مدرس بالضرب حتي سال دمه وتمزق قميصه - بعد أن أسندت إليه الناظرة مهمة الإشراف علي الرغم من قيامه من قبل بالتعدي بالضرب علي معلمة في المدرسة - لقد سألني والد الطالب الذي يرفض منذ 15 يوما الذهاب للمدرسة بسبب القهر وبسبب طلبه اليومي من والده أن يرد عليه كرامته المفقودة، لقد سألني هذا الأب المحترم الذي اكتفي بالشكوي لمكتب الوزير وبتحرير محضر بالواقعة وإحضار الشهود واتبع الطرق القانونية.. سألني هل سينصفني الوزير ؟ قلت : لو أن ابنك علي حق فسيعيد له الوزير حقه في الكرامة، بل وحق كل مصر في تعليم كريم. مسك الكلام.. ألف حمدالله علي سلامة الوزير الرائع أحمد زكي بدر من نجاح عملية إزالة المرارة من جسده.. وعقبال نجاح عملية إزالة المرارة من جسد التعليم.